للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وادعى الفضل لأنه شاخ، فإن من تقدمت به السن من الأزد يفسد عقله، ويخلط تفكيره، ولذلك فإن الناس لا يحملون ما يهذي به محمل الحد، بل يصفحون عنه، ويشفقون بسببه عليه.

وهو يعود من ناحية ثالثة إلى اعتقاد أفراد كل قبيلة أو حلف بوجوب تحزب الوالي لهم، وخصه إياهم بالمناصب، لأنه ينتسب إليهم، ولأن فترة حكمه هي الفرصة المتاحة لهم، لتعويض ما فقدوه من المراكز والمنافع في الفترات الماضية. وأسطع شاهد على ذلك هذه المقطوعة لثابت قطنة في هجاء أسد القسري١:

أرى كل قوم يعرفون أباهم ... وأبو بجيلة بينهم يتذبذب

إني وجدت أبي أباك فلا تكن ... ألبا علي مع العدو تجلب٢

أرمي بسهمي من رماك بسهمه ... وعدو من عاديت غير مكذب

أسد بن عبد الله جلل عفوه ... أهل الذنوب فكيف من لم يذنب

أجعلتني للبرجمي حقيبة ... والبرجمي هو اللئيم المحقب٣

عبد إذا استبق الكرام رأيته ... يأتي سكيتا خاملا في الموكب٤

إني أعوذ بقبر كرز أن أرى ... تبعا لعبد من تميم محقب

ذلك أن أسدا قلد ثابتا ولاية سمرقند في إمارته الأولى، ثم أعفاه منها وولاها عيسى بن شداد البرجمي التميمي، وجعله المسؤول الأول عنها، وثابتا الرجل الثاني بعده. فثار لنقص أسد درجته، لأنهما يتحدران من أصل واحد، ما يقضي أن يثبته ويرفعه لا أن يخفض منزلته.

وهذه المقطوعة لأبي الأنواح مطرف الهجيمي٥، في هجاء نصر بن سيار٦:


١ الطبري ٩: ١٥٠٣.
٢ الألب: القوم يجتمعون على عداوة إنسان.
٣ الحقيبة: التبع والردف. والمحقب: الثعلب.
٤ السكيت: الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل.
٥ انظر الاشتقاق ص: ٢٠١، وجمهرة أنساب العرب ص: ٢٠٧، ٢٠٩.
٦ معجم الشعراء ص: ٣٠٦.

<<  <   >  >>