ليس بين أيدينا صورة واضحة عن عدد العرب بخراسان، ولا عن منازلهم ووسائل معاشهم، وتنظيمهم الاجتماعي والعسكري، وتكتلهم السياسي، ولا عما شجر بين قبائلهم المتنافسة في السلطان من منازعات، ولا عن علاقاتهم بسكان خراسان الأصليين، وإنما كل ما لدينا عن ذلك كله مجموعة من الأخبار. وهي أخبار تكثر وتتسق في مبحث، وتقل وتتناقض في مبحث آخر. ومع ذلك فإنها تبقى الأساس الذي نقيم عليه تصورنا لكل تلك المباحث. وهو تصور يخضع في النهاية لمدى إحاطة الدارس بأحوال العرب بخراسان، ولاجتهاده في الاستنتاج والترجيح، أكثر مما يقوم على المعلومات الوافية المطردة.
أما عدد العرب بخراسان فيتعذر أن نعرفه معرفة دقيقة، لأن المؤرخين لم يهتموا به كثيرا، وإنما اكتفوا بالإشارة السريعة إلى المقاتلين دون عيالاتهم، وتغاضوا عن المهاجرين والآخرين، الذين لم ينزحوا إلى خراسان للانتظام في صفوف الجند، بل للإقامة والعمل، أو للالتحاق بذويهم وأقاربهم. على أننا إذا تتبعنا ما ذكره المؤرخون من الهجرات الرسمية أمكن أن نقدر عدد العرب التقريبي من عهد إلى عهد، وأمكن أن نتبين أي قبائلهم كانت أكثر عددا، وأكبر قوة.
وأخبار الحملة التي قادها ابن عامر لفتح خراسان، وعدد من اشترك فيها من الجند غامضة غموضا مطلقا، فكل ما نعرفه عنها أن القادة الذين استعان بهم كانوا يغزون في