للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أبى الصبر أن العين بعدك لم يزل ... يخالط جفنيها قذى لا يزايله١

وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله

يذكرني هيف الجنوب ومنتهى ... مسير الصبا رمسا عليه جنادله٢

وهتافة فوق الغصون تفجعت ... لفقد حمام أفردتها حبائله

من الورق بالإصباح نواحة الضحى ... إذا الفرقد التفت عليه غياطله٣

وسورة أيدي القوم إذ حلت الحبا ... حبا الشيب واستعوى أخا الحلم جاهله٤

فعيناي إذ أبكاكما الدهر فابكيا ... لمن نصره قد بان منا ونائله٥

إذا استعبرت عوذ النساء وشمرت ... مآزر يوم ما توارى خلاخله٦

وأصبح بيت الهجر قد حال دونه ... وغال امرأ ما كان يخشى غوائله٧

وثقن به عند الحفيظة فارعوى ... إلى صوته جاراته وحلائله٨

إلى ذائد في الحرب لم يك خاملا ... إذا عاذ بالسيف المجرد حامله٩

كما ذاد عن عريسة الغيل مخدر ... يخاف الردى ركبانه ورواحله١٠


١ القذى: ما يقع في العين، وما ترمي به العين من غمص ورمص.
٢ الهيف: ريح حارة تأتي من نحو اليمن. والصبا: ريح طيبة مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. والرمس: القبر. والجنادل: الحجارة.
٣ الورق: جمع ورقاء، وهي الحمامة في لونها سواد وبياض. والغياطل: جمع غيطلة، وهي الشجر الكثير الملتف، وكذلك العشب وقيل هو اجتماع الشجر والتفافه.
٤ الحبا: جمع حبوة، وهي الثوب يحتبى به، وحل الحبا: كناية عن الاستعداد للحرب. واستعوى فلان جماعته: نعق بهم إلى الفتنة.
٥ النائل: العطاء.
٦ استعبرت: جرت عبراتهن. والعائذ: كل أنثى إذا وضعت مدة سبعة أيام، لأن ولدها يعوذ بها
٧ غال: أهلك. والغوائل: الدواهي.
٨ الحفيظة: المحافظة على العهد، والمحاماة على الحرم ومنعها من العدو، وارعوى: رجع إليه، واجتمع عليه.
والحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة.
٩ الذائد: المدافع المحامي.
١٠ العريسة: مأوى الأسد. والغيل: الأجمة والشجر الكثير الملتف. والمخدر: الأسد في خدره، أي عرينه.

<<  <   >  >>