للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

توقف. فاستلهم كعب إجابة المهلب له، وراح يسخف رأيه ويرميه بأنه لا يحسن القتال، وينصحه في كثير من السخرية بالعكوف على ملاهيه وجواريه، فتلك صناعته التي يبرع فيها. يقول١:

إن ابن يوسف غره من غزوكم ... خفض المقام بجانب الأمصار

لو شاهد الصفين حين تلاقيا ... ضاقت عليه رحيبة الأقطار

من أرض سابور الجنود وخيلنا ... مثل القداح بريتها بشفار٢

من كل خنذيذ يرى بلبانه ... وقع الظباة مع القنا الخطار٣

ورأى معاودة الرباع غنيمة ... أزمان كان محالف الإقتار٤

فدع الحروب لشيبها وشبابها ... وعليك كل خريدة معطار٥

وكما هجا ثابت قطنة بكرا، وأخذ عليها أنها لا تؤازر حلفاءها مع الأزد في الأزمات، وإنما تطالبهم بالحقوق والامتيازات، وتستغيث بهم في النازلات، كذلك هجا كعب عبد القيس بكرا، وشكا من أنهما لا تغنيان في النائبات. وفي القبيلة الأولى يقول، وقد اختلفت مع الأزد وحاربتهم في ولاية المهلب٦:

ثوى عامين في الجيف اللواتي ... مطرحة على باب الفصيل٧

أحب إلي من ظل وكن ... لعبد القيس في أصل الفسيل٨


١ الأغاني ١٤: ٢٩١.
٢ القداح: السهام، تشبه بها الخيل في الضمور. والشفار: جمع شفرة، وهي السكين العريضة العظيمة المحددة.
٣ الخنذيذ من الخيل: الجواد الطويل. واللبان: الصدر. والظباة: جمع ظبة، وهي حد السيف. والقنا الخطار: الرماح شديدة الاهتزاز لرقتها.
٤ الرباع: جمع ربع، وهو ربع الغنيمة يأخذه الرئيس في الغزو دون أصحابه.
٥ المعطار: التي اعتادت أن تتعهد نفسها بالطيب، وتكثر منه.
٦ الأغاني ١٤: ٢٨٩.
٧ الثواء: الإقامة الطويلة، والفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه.
٨ الكن: الستر. والفسيل: جمع فسيلة، وهي النخلة الصغيرة.

<<  <   >  >>