للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن أهاجيه لثابت قطنة. وفيه يقول ساخرا منه، ومعيرا له حصره، وقد صعد المنبر بسمرقند يوم جمعة في ولاية أسد القسري الأولى، وخطب الناس فارتج عليه١:

أبا العلاء لقد لقيت معضلة ... يوم العروبة من كرب وتخنيق٢

أما القران فلم تخلق لمحكمه ... ولم يسدد من الدنيا لتوفيق

لما رمتك عيون الناس هبتهم ... فكدت تشرق لما قمت بالريق

تلوي اللسان وقد رمت الكلام به ... كما هوى زلق من شاهق النيق٣

وله يقول، وقد تغيب عن حضور معركة بفرغانة في عهد مسلم بن سعيد الكلابي، يتهكم به، زاعما أن أصله مغمور، وأنه لا قبل له بالحرب، وإنما هو ملاح ماهر، يحسن أن يحرك المجاذيف، ويراقب آلات السفينة٤:

نقضي الأمور وبكر غير شاهدها ... بين المجاذيف والسكان مشغول٥

لا يعرف الناس منه غير قطنته ... وما سواها من الأنساب مجهول

وآخر ما نستشهد به من شعره الذاتي قطعة في الحنين، ينزع فيها إلى ديار قومه، ولعله قالها، وهو بخراسان٦:

هل رام نهي حمامتين مكانه ... أم هل تغير بعدنا الأحفار٧

ليت شعري غير منية باطل ... والدهر فيه عواطف أطوار


١ الشعر والشعراء ٢: ٦٣١، والطبري ٩: ١٤٨٦، والأغاني ١٤: ٢٦٤، وأمالي المرتضي ٢: ١٠٥، وابن خلكان ٥: ٣٥١.
٢ يوم العروبة: يوم الجمعة.
٣ النيق: أرفع موضع في الجبل.
٤ الطبري ٩: ١٤٨٠، والأغاني ١٤: ٢٦٦.
٥ السكان: مؤخرة السفينة وذنبها.
٦ ياقوت ١: ١٥٣، ٢: ٣٣٠.
٧ النهي: الغدير: وحمامتين: مثنى حمامة. وهي ماء لبني سعد. والأحفار: علم لموضع في بادية العرب.

<<  <   >  >>