للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

يجيء إن شاء الله تعالى "بالقلب وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" كما تقول: سئل بين الهمزة والياء وهذا هو بين بين المشهور فيما بينهم؛ لأن العبرة بحركة الهمزة نفسها، ولهذا نكتب إذا كانت متحركة على وفق حركة نفسها كما يجيء إن شاء الله تعالى، وفسره حتى لا يظن أن المراد منه غير المشهور، وهو جعلها بينها وبين حرف حركة ما قبلها كما تقول: سئل بين الهمزة والواو ثم إن همزة بين بين ساكنة عند الكوفيين وعند البصريين متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن فيه فلا يقع في أول الكلمة، وأما وجه تخفيف الهمزة فلأنها حرف شديد مستثقل يخرج من أقصى الحلق فجاز فيها التخفيف لنوع من الاستحسان وهو لغة قريش وأكثر أهل الحجاز، والتحقيق لغة تميم وقيس قياسا لها على سائر الحروف والأصل في التخفيف بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض إلا أن المصنف قلب لكون القلب بين بين "والحذف وهو ثلاثة طرق الأول" من طرق التخفيف أعني القلب "يكون" ويتحقق "إذا كانت" الهمزة "ساكنة ومتحركا ما قبلها" وإنما تعين القلب في هذه الصورة إذا أريد تخفيفها؛ إذ لا يمكن جعلها بين بين المشهور لسكونها ولا غير المشهور؛ لأنه لا يجوز حيث لا يجوز المشهور؛ لأنه فرعه ولا يمكن الحذف؛ لأنه لا يبقى ما يدل عليها، وقوله: "تقلب بشيء يوافق" حركة "ما قبلها" بيان لكيفية القلب عند وجود شرطه؛ يعني إن كانت حركة ما قبلها فتحة تقلب ألفا؛ لأن الألف يوافق الفتحة، وإن كانت ضمة تقلب واوا، وإن كانت كسرة تقلب ياء؛ لأنهما يوافقانهما "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته لضعفه "واستدعاء ما قبلها"؛ أي طلب ما قبل الهمزة وهو حركة ما قبلها قلبها إلى ما يجانسه ويوافقه؛ إذ لا شك أن كل حركة تستدعي أن يكون الحرف الذي بعدها الحرف الذي لو أشبعت لتولد منها ذلك الحرف "نحو راس" بالألف أصله رأس "ولوم" بالواو أصله لؤم "وبير" بالياء أصله بئر "والثاني" من تلك الطرق أعني بين بين "يكون إذا كانت الهمزة متحركة" بأي حركة كانت "ومتحركا ما قبلها" بأي حركة كانت وإنما تعين بين بين؛ إذ لا مجال للقلب؛ لأن


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"بالقلب" حروف اللين "وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الألف، وإن كانت مكسورة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الياء، وإن كانت مضمومة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الواو هذا هو بين بين المشهور "وقد تجعل الهمزة بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركة ما قبلها" وهو بين بين الغير المشهور ثم همزة بين بين عند الكوفيين ساكنة وعندنا متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن غالبا فلا يقع في أول الكلمة قوله: "والحذف" مجرور معطوف على قوله بالقلب أو جعلها بين بين على اختلاف المذهبين قيل الأصل في تخفيف الهمزة أن تجعل بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض "الأول" وهو القلب "يكون إذا كانت الهمزة ساكنة ومتحركا ما قبلها" سواء كان في كلمة أو في كلمتين وحينئذ "تقلب" الهمزة "بشيء"؛ أي بحرف "يوافق" ذلك الشيء "حركة ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته "واستدعاء ما قبلها" قلبها فإن كانت حركة ما قبل الهمزة فتحة قلبت ألفا "نحو راس" أصله رأس بالهمزة الساكنة ثم قلبت ألفا "و" إن كانت حركة ما قبلها ضمة قلبت واوا نحو "لوم" أصله لؤم بالهمزة الساكنة "و" إن كانت كسرة قلبت ياء نحو "بير" أصله بئر بالهمزة الساكنة، وهذه الأمثلة للهمزة الساكنة التي في كلمة واحدة مع تحرك ما قبلها ومثال الهمزة الساكنة التي في كلمتين مع تحرك ما قبلها نحو إلى الهداتنا والذيتمن ويقولوذن لي الأصل في الأول أن يقال: إلى الهدى ويقال ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين؛ لأنه أمر من أتى يأتي، لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع ساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ايتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كان قلبت همزة رأس، وأما الذيتمن أصله الذي ائتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء أمن بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى ساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل، فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة، فصار ذئت من الذي أيتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر، وأما من يقولوذن لي، أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل، وهي فاء إذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصارت لؤذن من يقول ائذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم كذا حقق وكل ذلك؛ أي قلبت الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة، وأما إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن إيمانا كما سيجيء "والثاني" وهو تخفيف الهمزة بجعلها بين بين المشهور "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة و" كانت "متحركا ما قبلها

<<  <   >  >>