للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

"وجيل" أصله جأل فزيدت الياء للإلحاق بجعفر، فصار جيال فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "وحوبة" أصله حأبة زيدت الواو للإلحاق بجعفر فصار حوأبة ثم خففت الهمزة على طريق تخفيفها "وأبو يوب" أصله أبو أيوب فيما كان الواو الأصلي في غير كلمة الهمزة "وابتغى مره" أصله ابتغى أمره فيما كان الأصل في غير كلمة الهمزة، فإن ياء الضمير كأحد حروف الكلمة لما عرفت، ولهذا يقال ابتغى كلمة واحدة فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة هذه الأشياء"؛ أي الأمثلة الأربعة الأخيرة، وهذا هو الظاهر أو في الواو والياء الأصليتين أو المزيدتين المعنى، وهذا الأولى لشموها مثل شي وسو "لقوتها"؛ أي حروف العلة بأن كانت أصلية أو في حكمها "وطرو الحركة عليها"؛ لأنها نقلت إليها من الهمزة فهي كالمعدوم "وإذا كان ما قبلها"؛ أي الهمزة المتحركة "حرف لين"؛ أي حرف لين ساكنا حال كونه "مزيدا" لغير الإلحاق "نظرا" إلى ذلك الحرف "فإن كان ياء أو واوا مدتين


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"وجيل" بفتح الجيم والياء جميعا، والأصل جيأل بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة وهو الضبع والياء ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركة فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقلت فتحها إلى الياء، فيصير جيل لا يقال: إن الياء المتحركة إذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فلِمَ لَمْ تقلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح؛ لأنا نقول: قال أبو علي: إنما امتنعوا من قلب هذه الياء ألفا؛ لأن الهمزة إن كانت مبقاة من اللفظ فهي مبقاة في التقدير، وحركة الياء عرضية في حكم العدم، فلذلك امتنعوا من قلبها ألفا "و" كذلك "حوبة" بفتح الحاء المهملة والواو جميعا، والأصل حوأبة بإثبات همزة مفتوحة بعد واو ساكنة وهي القربة الواسعة، والواو ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر أيضا، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركات فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو فصار حوبة هذا وقوله: "وأبو يوب" مثال للضرب الثاني من القسم الثاني؛ أي لما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى؛ لأن أصله أبو أيوب بإثبات همزة مفتوحة وما قبلها حرف أصلي، وهو الواو الساكنة فخففوا الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو وقالوا: أبو يوب بنقل اللسان من الواو المفتوحة إلى الياء المشددة المضمومة من غير حاجز بينهما، وإنما أخر هذا المثال لمناسبة قوله: "وابتغى مره" في أن الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى وهو مثال للضرب الثاني من القسم الثالث، ذكر ابن الحاجب أن أصل ابتعى أمره بالعين المهملة من الاتباع وهو أمر المؤنث، والاستشهاد فيه أن الهمزة لما تحركت وكانت قبلها الياء مزيدة لمعنى التأنيث خففت بالحذف ونقلت فتحتها إلى الياء التي هي ضمير المؤنث، وقيل: ابتغى مرة بنقل اللسان من الياء المفتوحة إلى الميم الساكنة أقوال جاز أن يكون بالغين المعجمة أمرا للمؤنث من باب الافتعال من ابتغى يبتغي، فيكون أصله حينئذ ابتغي بالياءين بعد الغين أولاهما أصلية والثانية زائدة للمؤنث فأسكنت الياء الأصلية ثم حذفت لاجتماع الساكنين، كما سيجيء في ارمي بالياءين، وإنما خففوا الهمزة بالحذف في الأقسام الثلاثة؛ لأن حذفها أبلغ للتخفيف وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهو حركتها المنقولة إلى الساكن الذي قبلها، وقد جاء في القسم الأول غير الحذف نحو مراة وكماة بألف خالصة أصلها مراة وكماة بإثبات همزة مفتوحة، فنقلت حركتها إلى الساكن الذي قبلها فيكون متحركا وبقيت الهمزة ساكنة فقلبوها ألفا كما في رأس، وهو شاذ عند سيبويه والكسائي والفراء يجوز أنه مطرد "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة في هذه الأشياء" نحو: جيل وحوبة وأبو يوب وابتغي مره "لقوتها" لكونها زائدة لمعنى مقصود فيكون كأنها أصلية "ولطرو الحركة عليها" هذا الكلام دفع لما يتوهم من أن حروف العلة لا يجوز تحيل الحركة عليها قياسا على ما سيأتي من نحو خطيئة "وإذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "حرف لين" حال كونه "زائدا" لمجرد المد نظرا إلى ذلك الحرف "فإذا كان ياء أو واوا مدتين" اعلم أن الواو والياء إن كانا متحركتين لا يسمى شيء منهما حرف المد ولا اللين لانتفائهما عنهما حينئذ وهو ظاهر، بل يسمى حرف علة وإن كانا ساكنين يسمى كل واحد منهما حرف لين أيضا لما فيهما من اللين حينئذ لاتساع مخرجهما؛ لأنهما تخرجان في لين من غير خشونة على اللسان وحينئذ إن كان حركة ما قبلهما من جنسهما بأن يكون ما قبل الواو مضموما والياء مكسورا يسمى كل واحد منهما حرف المد أيضا لما فيها من اللين مع الامتداد، نحو: يقول ويبيع وإلا أي وإن لم يكن حركة ما قبلهما من جنسهما يسمى حرف اللين لا المد لانتفائه فيهما حينئذ، وأما الألف فيكون حرف علة وحرف لين وحرف مد أبدا؛ إذ لا يكون إلا ساكنا ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا فبالاعتبار الأول يسمى حرف لين وبالاعتبار الثاني يسمى حرف مد. والحاصل أن الألف يكون حرف علة ومد ولين أبدا والواو والياء تارة تكونان حرفي علة فقط، وتارة حرفي لين أيضا، وتارة حرفي مد أيضا، فحروف العلة أعم من حروف المد واللين، وحروف اللين أعم من حروف المد فكل حرف مد حرف لين بدون العكس إذا علمت ذلك فنقول: معنى قوله: وإذا كان ما قبلها حرف لين مزيدا إذا كان ما قبل الهمزة حرف علة ساكنة زائدة لا لمعنى مقصود، بل لمجرد المد من غير تعرض إلى حركة ما قبلها، ومعنى قوله: فإذا كان واوا أو ياء مدتين إذا كان ما قبل الهمزة ياء ساكنة زائدة لمجرد المد وما قبلها مكسورا أو واوا ساكنة زائدة لمجرد المد أيضا وما قبلها مضموما.

<<  <   >  >>