"أو ما يشبه المدة كياء التصغير" ذكر ابن الحاجب أن ياء التصغير حكمها حكم الحرف الزائد لمجرد المد؛ لأنها لزمت السكون لزوم حرف المد فمتى وقعت قبل الهمزة المتحركة قلبت الهمزة إليها وأدغمت قوله: "جعلت" جواب إذا؛ أي جعلت الهمزة المتحركة في الصور الثلاث المذكورة "مثل ما قبلها" فيجتمع مثلان "ثم أدغم" المثل الأول "في الآخر"؛ أي في ثانيه الذي هو المنقلب من الهمزة، وإنما خففوا الهمزة في هذه الصور بالقلب والإدغام ولم يخففوها بالحذف مع نقل حركتها إلى ما قبلها "لأن نقل الحركة إلى هذه الأشياء" يعني الياء والواو وياء التصغير "يفضي"؛ أي يؤدي "إلى تحميل الضعيف"؛ أي إلى تحمل الحركة الحرف "الضعيف" وهو غير جائز، وهذا الدليل لا يخلو عن ضعف؛ إذ الحرف الضعيف قد يتحمل الحركة العارضة والأولى ما ذكره بعض المحققين من أنه إذا كان ما قبل الهمزة المتحركة واوا أو ياء مدتين كان تخفيفها بقلبها حرفا من جنس الساكن الزائد قبلها وإدغامه فيها لتعذر إلقاء حركتها على الياء والواو، وحينئذ إذا كانتا مدتين مجردتين لا تقبلان الحركة يريد أن مدتهما تنافي تحريكهما؛ إذ لو حركت زالت المدة عنهما مع أنه استغني عن تحريكهما بالقلب الذي هو أولى من الحذف لما مر، وهذا القلب والإدغام بطريق الجواز، وإنما لم يخففوا الهمزة ها هنا بجعلها بين بين؛ لأن في جعلها بين بين تقريبا من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما يقاربه، كما لم يجمعوا بين الساكنين قوله: "فيدغم" فعل مجهول وقوله: "نحو" خطية" بتشديد الياء المفتوحة قائم مقام فاعله، والأصل خطيئة بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة زيدت للمد والوزن فعيلة كصحيفة إلا أنهم أبدلوا من الهمزة التي هي لام الكلمة الياء فاجتمع ياءان والأول منهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: خطية "و" كذلك "مقروة" بالواو المشددة المفتوحة وأصله مقروءة على وزن مفعولة، فأبدلوا من الهمزة واوا فاجتمع واوان أولهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: مقروة "وأفيس" بضم الهمزة وفتح الفاء وكسر الياء وتشديدها تصغير أفؤس بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم الهمزة جمع فأس مثل: أكلب جمع كلب، والأصل أفيئس بإثبات همزة بعد ياء التصغير فقلبت الهمزة ياء فاجتمع ياءان أولهما ساكن فأدغم فيما بعده وقيل: أفيس، "فإن قيل يلزم تحميل الضعيف أيضا"؛ أي كما في النقل "في الإدغام وهو الياء الثانية" وأنتم لم تجوزوه "قلنا: الياء الثانية أصلية فلا تكون ضعيفة" بخلاف الياء الأولى "كياء جيل"؛ أي كما لا يكون ياء جيل ضعيفة؛ لأنها وإن كانت زائدة لكنها لما زيدت لغرض الإلحاق كانت كأنها أصلية في تحمل الحركة؛ إذ قد سبق أن الغرض من الإلحاق أن يعامل الكلمة الملحقة معاملة الملحق به في الأحكام اللفظية قوله: "وإن كان ما قبلها ألفا" عطف على قوله: فإذا كان ياء أو واوا؛ أي وإن كان ما قبل الهمزة المتحركة ألفا زائد المجرد المد وقبله فتحة "جعل" الهمزة "بين بين" المشهور لا غير "لأن الألف لا يحتمل الحركة"؛ أي لا يقبلها لكونها مدة فلم يمكن التخفيف بالحذف ونقل الحركة "والإدغام"؛ أي الألف لا يقبل الإدغام أيضا؛ لأن الإدغام يستلزم تحرك الثاني وهذا غير ممكن ها هنا فتعين جعلها بين بين، فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين الهمزة والألف نحو قراءة، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو نحو تساؤل، وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء