للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

"فصار لاه ثم أدخلوا الألف واللام" عوضا عن الهمزة المحذوفة ولذلك قيل في ندائه يا ألله، وإنما اختص القطع بالنداء هناك لتمحض الحرف للتعويض ولا يلاحظ معها شائبة تعريف أصلا حذرا من اجتماع أداتين للتعريف، وأما في غير النداء فيجري الحرف على أصله "ثم أدغم فصار الله وقيل أصله الإله" معرفا كما اختاره صاحب الكشاف وأبو البقاء "فحذفت الهمزة الثانية" وعوض عنها اللام للزوم حرف التعريف فنقل حركة الهمزة الثانية وعوض عنها لزوم حرف زائد للتعريف "ونقلت حركة الهمزة" بعد حذف الهمزة "إلى اللام" الأولى "فصار اللاه ثم أدغم" فصار الله وهذا صريح في أن الحذف على قياس التخفيف بنقل حركة الهمزة إلى اللام، كما اختاره أبو البقاء؛ إذ الحذف الغير القياسي أن تحذف الهمزة مع حركتها ولم تنقل إلى شيء، فيكون ذكر هذا القول هنا على سبيل الاستطراد؛ إذ الكلام ها هنا في الهمزة المبتدأ بها من غير أن يتصل بها كلمة أخرى، ويعد ذلك في الحذف على غير القياس، وليس الأمر كذلك على هذا القول فلزوم الحذف ولزوم التعويض بحرف التعريف ووجوب الإدغام ونقل الحركة في كلمتين في حرفين غير متجانسين على سبيل اللزوم ولا نظير له ونقل الحركة إلى مثل ما بعدها، وذلك يوجب اجتماع المثلين المتحركين وتسكين المنقول إليه الموجب لكون النقل عملا كلا عمل وإدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة وذلك بمعزل عن القياس؛ لأن الهمزة في تقدير الثبوت كل ذلك من خواص هذا الاسم يمتاز بها عن نظائره امتياز مسماه عن سائر الموجودات بما لا يوجد إلا فيه، كما أن التفخيم من خواصه وظاهر عبارة صاحب الكشاف يدل على أن الحذف ابتدائي من غير قياس حيث اكتفى على قوله فحذفت الهمزة ولم يتعرض لنقل الحركة، وصرح به أبو علي حيث قال: همزة إله حذفت حذفا من غير إلقاء النظر إلى وجوب الإدغام والتعوض فإن المحذوف قياسا في حكم الثابت، وما كان في حكم الثابت يمنع الإدغام لعدم اجتماع المثلين حينئذ، ويمنع التعويض أيضا للزوم اجتماع العوض والمعوض عنه. والحاصل أنه إذا كان حذف الهمزة على القياس يكون لزوم الحذف والتعويض ووجوب الإدغام على غير القياس، وإن كان الأول على غير القياس يكون الثاني على القياس، فهذا الاسم لا يخلو عن خلاف قياس ففيه توفيق بين الاسم والمسمى حيث كان الحق تعالى خراجا عن دائرة العقل وعن طرق القياس "كما" حذفت الهمزة "في يرى" تشبيه الجلالة بيرى إنما هو في لزوم يرى حذف الهمزة ونقل حركتها إلى ما قبلها لا في الإدغام، وقصد بهذا التشبيه ربط بحث يرى بما تقدم "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتح ما قبلها ثم لين الهمزة" لسلب حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف "فحذفت الهمزة وأعطي حركتها إلى الراء فصار يرى وهذا التخفيف"؛ أي تخفيف الهمزة بالحذف "واجب في يرى" إلا في ضرورة الشعر كقوله:

ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر ... ومن يطل العيش يرأي ويسمع

وتقول أخبرني ما رأيت من العجائب في الدهر الطويل، فإن من يتمتع بطول العمر ويعيش زمانا


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"فصار لاه ثم أدخلوا" عليه "الألف واللام" ثم أدغم اللام الداخلة في لام الكلمة "فصار الله" اعلم أن الأفعال بمعنى بمفعول من أله يأله بالفتح فيهما ألهة؛ أي عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا: إمام بمعنى مؤتم به فعلى هذا في الألف واللام مذهبان: أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة، ومع هذا يفيد التعريف أيضا وهو مذهب أبي علي النحوي، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال: يا ألله بالقطع، وثانيهما أن يكونا للتعريف لا لتعويض، وهو مذهب جمهور أئمة اللغة، واستدلوا عليه بأنه لو كانتا عوضا من الهمزة لما اجتمعتا حينئذ مع المعوض في قولهم الإله، وقالوا وقعت الهمزة للزومها، والمصنف أطلق القول ولم يقيد بكونهما للتعريض أو للتعريف ليشمل المذهبين، هذا وقد جوز سيبويه أن يكون أصل اسم الله تعالى لاه بغير همزة من لاه يليه؛ أي تستر ثم لما أدخلت عليه الألف واللام أجرى مجرى اسم العلم كالحسن والعباس إلا أنه يخالف سائر الأعلام من حيث إنه كان في الأصل صفة، وقولهم: يا ألله بقطع الهمزة إنما جاز؛ لأنه ينوي به الوقف على حرف النداء تفخيما للاسم كذا في مختار الصحاح "وقيل أصله"؛ أي أصل اسم الله "الإله فحذفت الهمزة الثانية" المكسورة تخفيفا "فنقل حركتها"؛ أي كسرتها "إلى اللام" الساكنة قبلها "فصار اللاه" فاجتمع حرفان متجانسان متحركان فأسكن الأول للإدغام "ثم أدغم" في الثاني قياسا فعلى هذا لا يكون حذف الهمزة شاذا؛ لأن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها كان في تخفيفها أن تحذف الهمزة وأعطي حركتها إلى ما قبلها، كما في مثل الأحمر "وكما في يرى"؛ أي في مضارع رأى مطلقا دون ماضيه "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتحة ما قبلها ثم لين الهمزة" بحذف حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف المنقلبة من الياء" فحذفت الألف"؛ أي الهمزة "فأعطي حركتها" التي هي الفتحة "للراء" الذي قبلها "فصار يرى وهذا التخفيف واجب في يرى" حتى لا يجوز استعمال الأصل والرجوع إليه إلا في ضرورة الشعر كقوله:
ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر ... ومن يتمل العيش يرأي ويسمع

<<  <   >  >>