للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

واو ساكن؛ إذ أصل اغزيت "اغزوت بواو ساكن" قلبت الواو ياء وإن كانت ساكنة وما قبلها مفتوحا "تبعا ليغزي" وكما يجيء إن شاء الله تعالى، وطرد الباب لا يقتضي أصالة المتبوع وفرعية التابع كما مر في أول الكتاب "ويعل نحو كينونة" إذا أصله كونونة بالواو؛ لأنه مأخوذ "من الكون" مصدر كان يكون "مع سكون الواو وانفتاح ما قبلها" وأنتم قلتم إذا كان كذلك لا يعل "لأن أصله"؛ أي أصل لفظ كينونة "كيونونة عند الخليل" على وزن فيعلولة اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون وقلبت الواو ياء "فأدغمت" الياء في الياء فصار كينونة "كما" أدغمت "في ميت أصله ميوت" على وزن فيعل قلبت الواو ياء لما مر ثم أدغمت الياء في الياء فصار ميت "ثم خففت" الياء الثانية المتحركة التي هي عين الفعل؛ لأنها تغيرت بالقلب من الواو وأغناهم هذا التغيير عن التغيير الثاني بالحذف؛ لأن التغيير يؤنسهم بالتغيير "فصارت كينونة كما خففت" تلك الياء "في ميت" إلا أنهم التزموا هذا التخفيف في كينونة لكثرة حروف الكلمة مع التأنيث ولم يلتزموا في ميت لعدم هذه العلة فيه. والحاصل أن كينونة مغير عن أصله بلا خلاف؛ إذ ليس في كلامهم فعلولة إلا نادرا كصعقوقة، فقال البصريون منهم الخليل: إنه مغير عن كينونة بحذف العين بدليل عوده إليه في قوله: حتى يعود الأصل كينونة، ووجود فيعولة كحيقورة، وهي كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ويضمحل كالسحاب قال الشاعر:

كل أنثى وإن بدا لك منها ... آية الحب حبها حيقور

"وقيل"؛ أي قال الكوفيون "أصله"؛ أي أصل كينونة "كونونة بضم الكاف" على وزن سرجوجة وهي الطبيعة "ثم فتح" الكاف؛ أي غيرت بإبدال ضمة أوله فتحة ثم إبدال الواو ياء كما عند البصريين "حتى لا تصير الياء واوا في نحو الصيرورة" مصدر صار يصير "والغيبوبة" مصدر غاب يغيب "والقيلولة" مصدر قال يقيل؛ إذ لو بقي على صيرورة مثلا بالضم لزم قلب الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها فيلتبس بالواوي "ثم جعلت الواو" في الواويات


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
اغزوت بواو ساكن تبعا ليغزي" جواب دخل مقدر تقديره إن قولكم: حروف العلة لا تعل إذا كانت ساكنة وما قبلها مفتوحا منقوض بأغزيت، فإن الواو فيه ساكنة وما قبلها مفتوح مع أنه يعل بالقلب. وتحقيق الجواب أن الواو لما أعل في مضارعه الذي هو يغزي بضم الياء وكسر الزاي بقلبها ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها يعل في ماضيه بقلبها ياء أيضا حملا على المضارع؛ أي حملوا ما لا علة فيه على ما له علة، وكذلك استغزيت وتغزيت، قال سيبويه: سئل الخليل عن قولهم: أغزيت واستغزيت، فقال: إنما قلبت الواو في هذه الأفعال الماضية لأجل انكسار ما قبلها في المضارع في قولك: يغزي بضم الياء وكسر الزاي ويستغزي، فحملوا الماضي على مضارعه، وأعلوه كما أعلوا مضارعه ليكون العمل من باب واحد لا يقال إن الماضي سابق والمضارع لاحق واتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال؛ لأنا نقول: إنا لا نسلم أن اتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال؛ لأنهم أعلوا المصدر تبعا للفعل كما في عدة وقيام مع أن المصدر سابق على الفعل كما مر، وليس اتباع الماضي على المضارع قياسا مطردا حتى يلزم إعلال وعد تبعا ليعد، بل هو مسموع مقصور، وقيل: إنما يعل نحو: أغزيت؛ لأنه لما زاد على ثلاثة أحرف ثقل والياء ضعيف ولم يمنع مانع عن قلبها ياء فكان قلب الواو ياء أحسن، ولذلك قالوا في الثلاثي غزوت بإثبات الواو وفي الرباعي أغزيت بقلبها ياء قوله: "ويعل نحو كينونة" عطف على قوله: ويعل نحو: اغزيت فيكون جوا بالدخل مقدر مقرر ثمة؛ يعني يعل نحو: كينونة "من الكون" بقلب واوه ياء "مع سكون الواو" فيه "وانفتاح ما قبلها" وهو الكاف "لأن أصله كيونونة" بفتح الواو على وزن فيعلولة "عند لخليل" فلم يكن مما نحو فيه، بل يعل لوجود علة الإعلال فيه لأنه اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء "فأدغمت" الياء الأولى في الياء المنقلبة من الواو التي هي عين الكلمة فصار كينونة بتشديد الياء وفتحها "كما" قلبت الواو ياء وأدغمت الياء "في" حو "ميت أصله ميوت" بتقديم الياء الزائدة على الواو التي هي عين الكلمة "ثم خففت" كينونة بحذف الياء الثانية المنقلبة عن الواو "فصارت كينونة كما خففت" الياء المنقلبة بحذفها "في ميت" وهذا التخفيف فيهما بطريق الجواز، لكنه أحسن في كينونة ذكر ابن الحاجب ويخفف نحو كينونة وقيلولة بحذف العين العين كما يخفف ميت وسيد إلا أن الحذف في كينونة وقيلولة أكثر منه في باب سيد وميت؛ لطوله بالزيادة وتاء التأنيث، فكان التخفيف فيه أحسن. ا. هـ. والميت صفة مشبهة تقول: مات يموت ويمات أيضا فهو ميت، ويستوي في المذكر والمؤنث، قال الله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ولم يقل ميتة، قال الفراء: يقال لمن لم يمت إنه مائت عن قليل وميت، ولا يقولون لمن مات هذا مائت كذا في الصحاح "وقيل أصلها كونونة بضم الكاف ثم فتحت" الكاف؛ لأنه لو لم يفتح يلزم ضم هذا الوزن في اليائيات أيضا؛ لئلا يختلف حركة فاء الواوي حركة فاء اليائي منه فيلزم قلب الياء واو في اليائي لضمة ما قبلها وهو ثقيل مع أنه في البناء الطويل ففتحت الفاء في الواوي "حتى لا يصير الياء واوا في" اليائيات "نحو صيرورة" مصدر من صار الشيء يصير "وقيلولة" مصدر قال يقيل من باب باع ومعناه نام في الظهيرة "وغيبوبة" مصدر غاب يغيب من باب باع، تقول: غاب غيبة وغيبا وغيابا وغيبوبا ومغيبا "ثم جعلت الواو ياء"؛ أي قلبت بعد فتح الكاف في كونونة وإن لم يوجد فيه علة القلب

<<  <   >  >>