للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

"مطردا من الواو المضمومة نحو: أجوه" أصله وجوه جمع وجه "لثقل الضمة على الواو" ولم يجب لعدم كون واحده على وزن الفعل "و" ابدلت جوازا غير مطرد "من الواو الغير المضمومة" من المكسورة "نحو: إشاح" لثقل الكثرة على الواو أصله وشاح "و" من المفتوحة "نحو: أحد أحد في الحديث" لثقل الحركة على الواو، ولم يذكره اكتفاء بذكره في الياء أصله وحد وحد روي أن سعد بن أبي وقاص كان يشير بأصبعيه، فقال عليه السلام: "أحد أحد"؛ أي أشر بأصبع واحدة "و" أبدلت "من الياء" جوازا غير مطرد "نحو قطع الله أديه" أصله يديه "لثقل الحركة على الياء و" أبدلت "من الهاء" جوازا غير مطرد نحو: أل فعلت وألا فعلت، أصلهما هل فعلت وهلا فعلت، وإن كان في بعض الصور لازما "نحو: ماء أصله ماء" إلا أنه غلب صور الجواز عليه فعده من الجائز حيث سكت عن التقييد، ولم يفصله إلى جائز ولازم. ونقول المراد من الواجب ما له سبب موجب وبالجائز ما ليس له سبب موجب فليس لقلب الهاء همزة سبب موجب، بل هو على خلاف القياس فيكون من الجائز فللزوم لا ينافي الجواز، وهذا شاذ لقلته "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن أصله ماء "يجيء جمعه مياه" وتصغيره مويه فإنهما يردان الشيء إلى أصله، وإنما تعرض لبيان أصله وإثباته؛ تنبيها على أن الإبدال هنا لازم وإخراجا له حكم سوابقه لما دخل في حكم الجواز، ولذلك لا يقال ماء على الأصل "و" أبدلت "من الألف" جوازا غير مطرد "في نحو قوله: هيجت شوق المشتئق" بكسر الهمزة أصله مشتاق اسم فاعل فلما زال المانع من الحركة عاد إلى أصله وهي الكسرة، وهذا أيضا شاذ؛ لأنه يزيد ثقلا، صدره:

يا دار مي بدكاديك البرق ... صبر فقد هيجت شوق المشتئق

والدكاديك جمع دكداك وهي الرمل المتراكم، والبرق بضم الباء وفتح الراء جمع برقة، وهي أرض غليظة فيها


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
مطردا"؛ أي أبدلت الهمزة بطريق الجواز المطرد "من الواو المضمومة" المفردة الوائعة في أول الكلمة، وإنما قلنا المفردة احترازا عن مثل أواصل لوجوب الإبدال فيه لتعدد الواو "نحو: أجوه لثقل الضمة على الواو" أصله وجوه جمع وجه، فإن شئت همزت الواو وقلت: أجوه، وإن شئت تركتها على حالها، وقلت: وجوه، وكذلك أورى أصله وأورى مجهول واري فالوا والثانية في وروى إنما هي منقلبة عن ألف واري، فلم يجب همزة الأول؛ لأن الثانية غير لازمة، ألا ترى أنك إذا بنيت الفعل للفاعل الذي هو أصل قلت: واري بخلاف الواو الثانية من وواصل، فإنها لازمة فكان واو وري واوا مفردة مضمومة في أول الكلمة كما في أجوه، قوله: "ومن الواو الغير المضمومة" شروع في قسم الثالث وهو ما يمتنع اطراد إبدال الهمزة من حروف اللين، وإنما لم يقيد ها هنا بقوله جوازا غير مطرد؛ استغناء بما سياتي في آخر الباب من أن الموضع الذي لم يقيد من الصور المذكورة يكون جائزا غير مطرد، وقس عليه ما عداه من الصور التي لم تقيد بشيء، والواو الغير المضمومة إما مكسورة "نحو إشاح أصله وشاح" بكسر الواو وضمها فأبدلت الهمزة منها تخفيفا فصار إشاح بكسر الهمزة وضمها، لكن لما كان الكسر أشهر وأفصح اعتبره المصنف، قال في الصحاح: الوشاح شيء ينسج من أديم عرضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، يقال: وشاح وإشاح ووشاح وأشاح "و" إما مفتوحة "نحو أحد أحد" الذي جاء "في الحديث" أصله وحد وحد، فأبدلت الهمزة من الواو تخفيفا، وسبب ورود هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى سعد بن أبي وقاص يشير بأصبعيه في التشهد، فقال عليه السلام: "أحد أحد"؛ أي أشر بأصبع واحدة "و" الهمزة أبدلت "من الياء جوازا غير مطرد نحو: قطع الله أديه" للدعاء عليه أصله يديه فأبدلت الهمزة من الياء "لثقل الحركة على الياء ومن الهاء" جوازا غيرمطرد "نحو ماء أصله ماه" وأصله موه بالتحريك؛ لأنه يجمع على أمواه في القلة وعلى مياه في الكثرة نحو: جمل وجمال وأجمال، فقلبت الواو ألفا والهاء همزة فصار ماء "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن أصل ماء ماه "يجيء جمعه مياه" بالهاء لا بالهمزة وأصله مواه، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ لأن جمع التكسير يرد الأشياء إلى أصولها وكذلك التصغير، فيقال: مويه، قال ابن الحاجب: إن إبدال الهمزة عن الهاء في نحو: ماء شاذ لقلته ولازم؛ إذ لم يثبت النقل باستعمال الهاء في ماء "و" الهمزة أبدلت "من الألف" جوازا غير مطرد "في نحو قوله"؛ أي الشاعر "هيجت شوق المشتئق" بكسر الهمزة أصله مشتوق؛ إذ هو اسم فاعل من اشتاق من الشوق، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار مشتاق كمنقاد ومختار ثم أبدلت الهمزة من الألف فصار مشتئق فعل هذا يكون الإبدال باعتبار الأصل من الواو لا من الألف، كما في قائل أو كساء، لكن المصنف لم يلتفت إلى هذا الأصل، بل نظر إلى الظاهر أو لأن قلب الواو ألفا ها هنا أوجب من قلبها ألفا، ثم لأن ما قبل الواو وهو التاء ها هنا مفتوحة لا حاجز بينهما، وما قبل الواو في قاول ألف ساكنة وما قبل ذلك الألف مفتوح، ولما كان قلبها ها هنا أوجب كان كأنها ألف في الأصل بخلاف ألف قاول تدبر وتمام البيت:
يا دار مي بدكاديك البرق ... صبرا فقد هجيت شوق المشتئق
ومي: اسم الحبيبة، والدكادكي: جمع دكداك وهو ما التبد من الرمل بالأرض ولم يرتفع، والبرق بضم الباء وفتح الراء جمع برقة، وهي أرض فيها حجارة ورمل وطين مختلط، وهيجت معناه حركت وأظهرت، وفاعله يرجع إلى دار، ومفعوله شوق المشتئق، وأراد بالمشتئق نفسه

<<  <   >  >>