للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

استعمال السماع، بل يجوز كل مصدر في معنى اسم الفاعل واسم المفعول إذا قصد فائدة المجاز "ويجيء" المصدر أيضا "للمبالغة" في الفعل والتكثير فيه قياسا مطردا عند سيبويه من الثلاثي المجرد وعند الزمخشري قياسا مطردا في الثلاثي وغيره؛ لأنه قال حين سئل عنه هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسا ولذلك ذكر في الأمثلة الرميا، وقال: هي الرمي الكثير وهو على ضربين أحدهما التفعال بفتح التاء وسكون الفاء "نحو التهذار" بمعنى الهذر الكثير "والتلعاب" بمعنى اللعب الكثير والترداد والتجوال والتقتال والتسيار للمبالغة للرد والجولان والقتل والسير وثانيهما الفعيلي بكسر الفاء والعين وبتشديده وفتح اللام نحو الحثيثي بمعنى الحث الكثير "والدليلي" بمعنى كثرة العلم بالدلالة والرسوخ فيها والفتيتي بمعنى كثرة النميمة. ولما فرغ من المصدر الثلاث شرع في مصدر غير الثلاثي فقال: "ومصدر" كل واحد من أبواب "غير الثلاثي" رباعيا مجردا كان أو مزيدا فيه أو ثلاثيا مزيدا فيه وسواء كان المصدر ميميا أو غير ميمي "يجيء على سنن" أي طريق "واحد" على حدة ولم يبين أبنية مصادر تلك الأبواب اعتمادا على أساميها في غير الرباعي المجرد وأما فيه فطردا للباب "إلا في كلم" يجيء المصدر "كلاما" على وزن فعالا بكسر الفاء وبتشديد العين على لغة أهل اليمن فإنه قياس لغتهم ولذلك شاع واطرد فعال بمعنى التفعيل في كلام الفصحاء، وفي التنزيل {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا} "و" إلا "في قاتل" يجيء "قتالا" بكسر القاف وتخفيف العين "وقيتالا" بالياء على لغة من قال في كلم كلاما فإنه أيضا قياس لغتهم، قال سيبويه في قتال: كأنهم حذفوا الياء التي جاء به أولئك في قيتال، ولذلك قيل إن قتالا فرع قيتالا من حيث إن حروف الفعل ثابتة فيه إلا أن الألف قلبت ياء لانكسار ما قبلها وعكس السكاكي حيث جعل الياء إشباع كسرة الفاء "و" ألا يجيء "في تحمل تحمالا" بكسر التاء والحاء وتشديد الميم فيمن قال كلاما فإنه قياس لغتهم أيضا؛ لأنه كسر الأول وزيد قبل الآخر ألف "و" إلا "في ززلزل" يجيء "زلزالا" بفتح الأول فإنه يجوز في مصدر مضاعف الرباعي المجرد فتح الأول وكسره قياسا مطردا لثقل المضاعف بخلاف صحيحه فإنه بالكسر لا غير، إلا أن الكسر أفصح؛ لأنه أصل. ولما فرغ من بيان أبنية الأصل الذي هو المصدر شرع في بيان أبنية الفرع الذي هو الفعل فقال "الأفعال التي تشتق" على صيغة المبني للمفعول أي تؤخذ "من المصدر" وتستعمل مبنية للفاعل ومبنية للمفعول إما بنفسها أو بزيادة حرف الجر، وإنما لم يقل على مذهب البصريين؛ إشارة إلى أنه الحق فكأنه لا خلاف فيه كما ذكرنا وإنما


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ويجيء" المصدر "للمبالغة" في الفعل والكثرة فيه على وزن التفعال بفتح الأول وسكون الثاني "نحو التهذار" مبالغة الهذر وهو الهذيان "والتلعاب" أي اللعب الكثير، وكذا الترداد والتجوال بمعنى الرد والجولان، وكذا التعداد والتذكار والتكرار، وأما التبيان والتلقاء بكسر التاء فيهما فشاذان من هذا الوزن كما صرحوا به "و" على وزن فعيلي بكسرتين وتشديد العين "نحو الحثيثي" بكسرتين أي الحث الكثير من الجانبين "والدليلي" مبالغة الدليل، وكذا الرميا تقول كان بينهم رميا أي الترامي الكثير من الجانبين، "والخليفي" قال عمرو رضي الله تعالى عنه زمن خلافته: لولا الخليفي لأذنت أي لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة والذهول بسببها عن تفقد أوقات الأذان لأذنت، قيل: سئل الزمخشري أهو قياس أم سماعي؟ فقال: هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسيا، قال سيبويه: أوزان المبالغة لا تجيء إلا من ثلاثي، وأما جمهور الصرفيين فقد جوزوا ذلك مطلقا قيل إن ذكر المصدر للمبالغة استطراد؛ لأن المراد بيان مصدر يشتق منه فعل مشتمل على معناه وزيادة كما يدل عليه السباق والسياق وهو ليس كذلك؛ لأنه ليس في فعله دلالة على هذا التكثير والمبالغة فافهم "ومصدر غير الثلاثي" المجرد "يجيء على سنن" أي طريق "واحد" يعني يجيء قياسا فلكل باب قياس على حدة فتقول مثلا: كل ما كان ماضيه على فعلل فمصدره على فعللة، وكل ما كان ماضه على فعل فأفعال، وكل ما كان ماضيه على فعل فتفعيل، وكل ما كان ماضيه على فاعله فمفاعلة وفعال، وكل ما كان ماضيه افتعل فافتعال وكل ما كان ماضيه فعل فافعلال، وكل ما كان ماضيه تفعل فتفعل، وكل ما كان ماضيه تفاعل فتفاعل، وكل ما كان ماضيه استفعل فاستفعال، وكل ما كان ماضيه افعوعل فافعيعال، وكل ما كان ماضيه أفعول فأفعوال، وكل ما كان ماضيه افعنلل فافعنلال، وكل ما كان ماضيه افعنلي فافعنلاء، وكل ما كان ماضيه تفعلل فتفعلل، وكل ما كان ماضيه افعلل فافعلال وفيه قياس واحد لجميع الرباعي والمزيد، لكن لا يليق بيانه بهذا المختصر "إلا في كلم" فإنه لا يجيء مصدره قياسا وهو تكليما بل بجيء "كلاما" بكسر الكاف وتشديد اللام "و" كذا "في قاتل قتالا وقيتالا" والقياس المشهور المقاتلة والمفهوم من عبارة الرضي أنهما قياسان أيضا حيث قال: وأما فعال في مصدر فاعل كقتال فهو مخفف القياس إذ أصله قيتالا "و" كذا "في تحمل تحمالا" بكسرتين وتشديد الميم والقياس تحملا "و" كذا "في زلزل زلزالا" بفتح الأول والقياس بكسره إلا أنهم جوزوا الفتح لثقل المضاعف. ولما بين أن المصدر أصل في الاشتقاق وأن المصدر قسمان سماعي وقياسي، وبين السماعي والقياسي منه شرع في المقصود فقال "الأفعال التي تشتق من المصدر" كما هو المذهب.

<<  <   >  >>