في الإصلاح يعني كما أن الأب يصلح أولاده كذلك علم النحو يصلح الكلمات والألفاظ، وفيه ما في التشبيه الأول وجوابه جوابه "ويقوي" من القوة وهي ضد الضعف وأصله يقوو من باب يعلم فأبدلت من الواو الأخيرة ياء لوقوعها رابعة أو حملا على ماضيه وهو قوي أصله قوو، قلبت الواو الأخيرة ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار قوي، ثم قلبت ياء يقوى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ويكتب على صورة الياء لانقلابها منها وإن كانت في الأصل واوا "في الدرايات" وهي جمع دارية مصدر درى يدري من باب رمى يرمي معناه علم يعلم، فمعنى الدرايات أنواع العلوم مطلقا لكن لما وقعت في مقابلة الروايات خصت بأنواع العلوم العقلية، ولهذا جاز جمعها "داروها" أي عالموها وهو فاعل يقوي واسم فاعل يدري، والضمير للصرف باعتبار الأم ولهذا أنث، وأصله داريون بضم الياء فاستثقلت الضمة عليها فأسكنت فاجتمع ساكنان الياء والواو، ثم حذفت الياء لأن الواو علامة، ثم ضم الراء لأجل الواو فصار دارون، ثم أضيف إلى الضمير فحذف النون لئلا يلزم اجتماع المتنافيين لأن النون لقيامه مقام التنوين بدل على تمام الكلمة وانفصالها عن غيرها، والإضافة تدل على عدم تمام الكلمة واتصالها بغيرها فصار مدلولاهما متنافيين والمتنافيان لا يجتمعان فكذا ما يدل عليهما "ويطغى" أي يضل ولا يهتدي إلى الصواب "في الروايات" جمع رواية وهي مصدر روى من باب ضرب معناه نقل الحديث وها هنا بمعنى المرويات أي في المنقولات ولهذا جاز جمعها "عاروها" أي جاهلوها وهو فاعل يطغى والكلام في أصله وإعلاله وإضافته وضميره كالكلام في داروها. اعلم أن المقصود من قوله: اعلم أن الصرف إلى ها هنا، ترغيب في الصرف وبيان سبب تأليف هذا الكتاب فتشبيه النحو بالأب بالتبع لا بالأصالة فلا يتوجه أن يقال: لم أفرد الضمير في قوله: عاروها وداروها ولم يثن ليرجع إلى الصرف والنحو كليهما مع أن العالم بالنحو يقوى والجاهل له يطغى أيضا والفاء في "فجمعت" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا كان الصرف على هذه الصفات المذكورة فجمعت "فيه" أي في الصرف "كتابا موسوما" مسمى "بمراح الأرواح" المراح اسم مكان من الروح بفتح الراء من الاستراحة والأرواح جمع روح، وهي النفس الناطقة فمعناه في الأصل موضع راحة النفوس الناطقة، وإنما سمي به لأن النفس الناطقة لما كانت طالبة للكمالات العلمية وهي لا تحصل إلا بآلاتها تألمت واضطربت إلى أن تجد تلك الآلة كالمرضى تألمت إلى أن تجد دواء شافيا. ولما كان هذا الكتاب مشتملا على ما هي آلة لتل العلوم تتلذذ به النفوس وتصير راحة "وهو" أي كتاب مراح الأرواح هذا شروع في ترغيب الكتاب ببيان شرفه وفائدته "للصبي" أي لغير البالغ، وإنما خص به بناء على الغالب إذ الغالب أن قارئ الصرف الصبيان أو لكل من يميل إليه؛ لأن الصبي فعيل من الصباوة بمعنى الميل أصله صبيو كعليو فأعل إعلاله "جناح النجاح" جناح الطائر يده والجمع أجنحة والنجاح