"كما يختص يضرب" بالزمان المستقبل بعد أن كان صالحا للزمان الحاضر والمستقبل "بسوف أو بالسين" أي بسين الاستقبال نحو: سيخرج وسوف يخرج لا بسين الاستفعال وغيره، فالألف واللام فيه إما عوض عن المضاف إليه أو للعهد الذهني. واعلم أن السين وسوف قد سماهما سيبويه حرفي التنفيس، ومعناه تأخير الفعل إلى الزمان المستقبل وعدم التضييق في الحال، وسوف أكثر تنفيسا من السين، وقيل: إن السين منقوص من سوف دلالة بتقليل الحرف على تقريب الفعل. قوله: "وبالعين" عطف على قوله: بضارب أو باسم الجنس على اختلاف المذهبين "في الاشتراك بين الحال والاستقبال" يعني كما أن العين يشترك بين المعاني مثل الذهب والباصرة والجارية كذلك المستقبل يشترك بين الحال والمستقبل؛ فهذه المشابهة في الاشتراك فقط لا في الاختصاص بعد الاشتراك كما تفصح عنه عبارته، ولأنه حينئذ يكون كالتكرار بما قبله فبطل ما ذهب إليه بعض الشارحين من أن معناه كما أن العين مشترك بين المعاني ثم يختص بأحد المعاني بالقرينة كذلك المستقبل مشترك بين الزمانين ثم يختص لأحد الزمانين بدخول السين أو سوف. اعلم أن المستقبل حقيقة في أحد الزمانين مجاز في الآخر، فقال بعضهم: هو حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال؛ لأنه إذا خالف القرائن لم يحمل إلا على الحال، وهذا شأن الحقيقة والمجاز، وقال بعضهم: هو حقيقة في الاستقبال مجاز في الحال لخفة الحال، والأول هو المختار كذا ذكره الرضي، وقال ابن الحاجب في شرح المفصل: المضارع يشترك في الحاضر والمستقبل هذا هو المذهب المشهور، ومنهم من زعم أنه ظاهر في الحال مجاز في المستقبل ومنهم من عكس والصحيح أنه مشترك؛ لأنه يطلق عليهما إطلاقا واحدا كإطلاق المشترك فوجب القول كسائر المشتركات إلى هنا عبارته. ومما يجب أن يعلم أن كون الحال زمانا اصطلاحي عرفي لا حقيقي؛ إذ الماضي ينتهي إلى آن هو مبدأ المستقبل فلا يوجد زمان هو حال وأيضا لو كان الحال زمانا لكان التنصيف تثليثا كذا حققه الحكماء، فقولك: يصلي في قولنا: زيد يصلي حال مع أن بعض أفعالها ماض وبعضها باق مبني على الاصطلاح، فالآن الحاضر مع جنبيه من الزمان حال في عرفهم. ولما فرغ من بيان سبب تسمية المستقبل مستقبلا ومضارعا شرع في كيفية مغايرته للماضي فقال: "زيدت على الماضي" حرف "من حروف أتين حتى يصير" الماضي "مستقبلا" يعني لما وجب المخالفة بين لفظي الماضي والمضارع ليدل على مخالفة معناهما وهي لا يمكن بانتقاص حرف من حروف الماضي "لأن" الشأن "بتقدير الانتقاص" منها "يصير أقل من القدر الصالح" وقد عرفت أن القدر الصالح ثلاثة أحرف؛ حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يتوسط بينهما، وأيضا انتقاص حرف واحد منه لا يفيد الوجوه الأربعة من الغيبة والخطاب والتكلم وحده ومع غيره، ولو انتقص لكل وجه حرف لم يبق في الكلمة شيء فتعين أن تكون تلك المخالفة بالزيادة، وهذا الدليل المذكور يجري في الثلاثي وغيره محمول عليه وأما