كون حروف الزيادة حروف أتين؛ فلأنهم وجدوا أولى الحروف بها حروف المد واللين لكثرة دورها في الكلام؛ إذ المتكلم لا يخلو عنها أو عن بعضها؛ أعني الحركات ثم قلبوا الواو تاء لما سيذكره وزادوا النون لما سيأتي أيضا "وزيدت" هذه الحروف "في الأول دون الآخر" مع أن محل التغير والزيادة الآخر "لأن" الشأن "في الآخر يلتبس بالماضي"؛ لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو: ضربا، ولو زيدت التاء التبس بالغائبة المفردة نحو: ضربت، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب نحو: ضربن، ولما لزم الالتباس في هذه الثلاثة حملت الياء عليها وإن لم يلتبس بزيادتها في الآخر "واشتق" المستقبل بالذات "من الماضي" والماضي من المصدر فيكون هو من المصدر بواسطة الماضي على قياس ما عرفت في اسمي الفاعل والمفعول "لأنه" أي الماضي "يدل على الثبات" أي التحقق والوقوع بخلاف المستقبل، وما يدل على الثبات فهو جدير بأن يكون أصلا في الاشتقاق "وزيدت" حروف أتين "في المستقبل دون الماضي؛ لأن" اللفظ "المزيد عليه بعد" اللفظ "المجرد و" زمان "المستقبل بعد زمان الماضي فأعطى السابق" من اللفظ "للسابق" من الزمان وهو الماضي "واللاحق للاحق" وهو المستقبل؛ رعاية للتناسب بين اللفظ والمعنى "وعينت الألف" بالزيادة "للمتكلم" وحده "لأن الألف" من أقصى الحلق وهو أي أقصى الحلق "مبدأ المخارج والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام به" فيكون بينهما مناسبة في المبدئية فعينت له ثم حركوها ليتأتي الابتداء بها "وقيل" عينت الألف للمتكلم "للموافقة بينه وبين" همزة "أنا" وقيل عينت له؛ لأنها أخف فاستؤثر المتكلم بالأخف "وعينت الواو للمخاطب" مذكرا كان أو مؤنثا مفردا كان أو مثنى أو مجموعا وأيضا للغائبة المفردة والمثناة ولم يذكرهما المصنف لاختلاف فيه؛ إذ عند بعضهم تاء الغائبة ليست منقلبة من الواو كما في المخاطب، بل هي تاء التأنيث، فلما زيدت في الأول لئلا يلتبس بالماضي حركت لتعذر الابتداء بالساكن "لكونه من منتهى المخارج"؛ لأنه من خارج الشفة "والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به" فتتحقق المناسبة بينهما في الانتهاء فعينت له "ثم قلبت الواو تاء حتى لا يجتمع الواوات في وووجل في العطف" يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب، ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه