"ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف حرف المضارعة من أمر المخاطب لكثرة استعماله "لا تحذف اللام في مجهوله" الظاهر أن يقال: لا تحذف التاء، أو يقال: لا تحذف اللام والتاء، ولكن لما كان عدم حذف اللام مستلزما لعدم حذف التاء اكتفى بذكره وإنما قلنا كذلك؛ لأن اللام إنما زيدت على تقدير عدم الحذف لدفع التباس الأمر المضارع كما مر "نحو لتضرب" بضم التاء وفتح الراء "لقلة استعماله" أي استعمال مجهول أمر المخاطب "واجتلبت الهمزة" في أول أمر المخاطب بعد حذف حرف المضارعة "إذا كان ما بعده ساكنا" قيد به؛ لأن ما بعد حرف المضارعة إذا كان متحركا لم يلزم اجتلاب الهمزة بعد حذفه لإمكان الابتداء بما بعده، نحو: هب وخف ودحرج من تهب "للافتتاح" أي ليمكن الافتتاح والابتداء، نحو: اعلم وانصر وانطلق واستخرج من تعلم وتنصر وتنطلق وتستخرج، وإنما تعينت الهمزة لكونها أقوى الحروف أو لابتداء بالأقوى أولى كذا قيل، وقيل إنما تعينت الهمزة لاختصاصها بالمبدأ في المخرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسرة أصل في همزات الوصل"؛ لأن همزة الوصل زيدت ساكنة ثم حركت والأصل في تحريك الساكن الكسر، كما يذهب إليه الرضي وابن الحاجب نقلا عن ابن جني متمسكا بأن قاعدتهم إذا زادوا حرفا زادواها ساكنة ثم حركوها إن احتيج، بخلاف ما إذا أبدلوها وقد غفل صاحب النجاح عن هذه القاعدة فاعترض عليه بأن ما ذكره ابن جني باطل؛ لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه وهو الهرب عن حرف ساكن إلى حرف آخر ساكن مثل: الأول والحق زيادتهما متحركة لئلا يلزم المحذور، وتحقيق الكلام في هذا المقام على ما ذكره المصنف؛ أن هذه الهمزة وإن كانت ساكنة لكنه جيء بها قبل الساكن في الابتداء؛ لأنه قد علم أنه إذا اجتمع معه فلا بد من حذف أحدهما أو حركة أحدهما، ولم يجز حذف الثاني ولا حركته لئلا يلزم تغيير البناء ولا حذف الهمزة؛ لأنه يفضي إلى المهروب عنه وهو الابتداء بالساكن، فلم يبق إلا حركة الهمزة فحركت وكسرت على ما هو الأصل في التقاء الساكنين، وإنما يضم ما يضم لعارض، وإنما كان الكسر أصلا في تحريك الساكن؛ لأن الجزم الذي هو السكون في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء لتعذر الجر فيها فلما ثبت بين السكون الجزمي في الأفعال وبين الكسر المختص بالأسماء تعويض وتبديل واحتيج ها هنا إلى التعويض عن السكون جعل الكسر عوضه، وإنما سميت همزة الوصل؛ لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولهذا سماها الخليل سلم اللسان، وقيل: لأنها تسقط في الدرج فيتصل ما قبلها لما بعدها، ولما توجه أن يقال إن قولكم وكسرت الهمزة منقوض بمثل اكتب؛ لأن همزته مضمومة أجاب بقوله: "ولم تكسر" الهمزة بل تضم مع أن الأصل الكسر "في مثل اكتب" أي في الفعل الذي عين مضارعه مضموم "لأن بتقدير الكسرة يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية "إلى الضمة" التحقيقية قوله: "ولا اعتبار للكاف الساكن" جواب لسؤال مقدر تقديره ظاهر