وهذا تقدم بيانه في تعريف العدل، وأنه من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، وعرفنا المراد بالتقوى والمراد بالمروءة.
. . . . . . . . . ... مجتنباً مساوئ الأخلاقِ
والضبط ضبطان بصدرٍ وقلم ... فالأول الذي متى سمعه لم
"ينس"، الضبط ضبطان: ضبط صدر وضبط قلم، ضبط صدر وضبط كتاب، فالأول: ضبط الصدر هو الأصل، الأصل أن الحفظ حفظ الصدور، كما كان عليه الحال في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته الكرام، يلقي إليهم وهم يسمعون ويحفظون ويبلغون، وظهور هذا النوع في الصدر الأول جلي لا خفاء فيه، لا سيما قبل الإذن بكتابة الحديث؛ لأنه جاء النهي عن كتابة الحديث في حديث أبي سعيد في صحيح مسلم:((لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، فمن كتب شيئاً غير القرآن فليمحه)) ليعتمد الناس على الحفظ، هذا شيءٌ مجرب، الذي يقيد ينسى يعتمد على هذه الكتابة، بل لا يقصد الحفظ.
كان الناس يحفظون الأرقام، مهما طالت، مهما كثرت، يحفظون النصوص، يحفظون القصائد الطويلة، ثم لما جاءت الكتابة اعتمد الناس عليها فضعفت الحافظة، فلجأ الناس إلى النوع الثاني، وهو ضبط الكتاب، ضبط القلم، وإن خالف بعض أهل التشديد فمنعوا الرواية من الكتاب، بعضهم يمنع الرواية من الكتاب، يقول: الأصل النبي -عليه الصلاة والسلام- يلقي والصحابة يسمعون ويحفظون ويبلغون، والكتابة محدثة، إضافةً إلى أن الكتابة والكتاب وما يدون فيه عرضة لأن يهجم عليه أحدٌ ويحرفه، ولذا يشترطون فيمن يكتب أن يحفظ كتابه، وأن لا يعيره إلا إلى ثقة حافظاً.
ضابطاً إن حدث حفظاً يحوي ... كتابه إن كان منه يروي
لا بد أن يحفظ كتابه، ما يترك الكتاب عرضة للعبث والزيادة والنقصان ثم يروي منه لا، ولذا طعن في بعض ابتلي بمثل هؤلاء، إما ولد يتصرف، أو خادم، أو ربيب، أو ما أشبه ذلك، طعن فيهم.
ضابطاً إن حدث حفظاً يحوي ... كتابه إن كان منه يروي
يعني لا يعيره إلا إلى ثقة.
والضبط ضبطان بصدرٍ وقلم ... فالأول الذي متى سمعه لم