"ينسَ"، إذا سمع النص والمراد هنا الحديث أودعه في حفظه وضبطه، وأداه كما سمعه متى شاء، هذا الذي يقبل لهذا النوع من الحديث، أن يكون من الحزم والحفظ والضبط بحيث يتمكن من أداء ما حفظه متى شاء.
. . . . . . . . . ... فالأول الذي متى سمعه لم
ينس، فحينما يشا أداه ... . . . . . . . . .
متى ما أراد الأداء وتبليغ من بعده هذا الخبر يؤديه كما سمعه.
. . . . . . . . . ... مستحضر اللفظ الذي وعاه
مستحضر اللفظ، ولا شك أن هذا أولى إن أمكن، وإلا فجمهور أهل العلم يجيزون للعارف بما يحيل الألفاظ والمعاني، عارف بمدلولات الألفاظ وما يحيل المعاني أن يروي بالمعنى.
. . . . . . . . . ... مستحضر اللفظ الذي وعاه
"والثاني" يعني ضبط الكتاب من ضبطه ضبط كتاب.
والثاني من سفره قد جمعه ... . . . . . . . . .
في كتابه، في كتابه قد جمعه.
. . . . . . . . . ... وصانه لديه منذ سمعه
يصونه ويحافظ عليه من عبث العابثين، ومن تحريف المحرفين، ولا يعيره لأحد هذا الأصل إلا إلى ثقة، إن كان ولا بد فيعيره إلى ثقة.
والحرص على الكتب ينبغي أن يكون هم طالب العلم؛ لأنها عدته، هي عدة طالب العلم، طالب بدون كتاب كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح، فعلى طالب العلم أن يعنى بكتبه لا سيما الكتب التي فيها أثره، إما أن يكون قد قرأ الكتاب ووثق نصوصه بالرجوع إلى الكتب وعلق عليه، أو حضر به دروس وعلق عليه وأفاد منه مثل هذا ينبغي أن يعتنى به، عندهم الكتاب شيء آخر، عندهم الكتاب هو الرواية، ولذا من تحترق كتبه خلاص ينتهي، يطعن في فلان احترقت كتبه، انتهى من الوجود؛ لأنه يعتمد عليه اعتماد كلي، ومروياته في هذا الكتاب، لكن هل يؤثر هذا بالنسبة لطالب علم موجود اليوم جمع ألوف الكتب ورصها في الدواليب احترقت كتبه ما الفرق؟ احترقت أو ما احترقت لا فرق؛ لأنه بإمكانه في أيام يجمع كتب غيرها، وعلاقته بكتبه مثل علاقته بكتب الآخرين، ليست له بها رواية، وليست له بها عناية.
مما طعن به ابن لهيعة أن مكتبته احترقت، قد يقول قائل: احترقت مكتبته -الحمد لله- المكتبات مفتوحة، هذا طعن؟ هذا بالنسبة لك، لكن بالنسبة لمن عمدته كتابه لا ما ينفع، وجوده وجود الكتاب، إذا كان ضبطه ضبط كتاب.