المستور يطلقه أهل العلم بإزاء المجهول، مجهول يساوي مستور، والمجهول بأقسامه عند أهل العلم الثلاثة مجهول الحال ظاهراً وباطناً، ومجهول الحال باطناً فقط، ومجهول العين، منهم من يقول: إن المستور هو المجهول بأقسامه الثلاثة، ومنهم من يقصره ويخصه بمجهول العدالة باطناً، وإن كان معلوم العدالة ظاهراً، وهو الذي يحتاج فيه إلى أقوال المزكين هذا هو المستور، إذا روى المستور بأن لم تعرف حاله باطناً وإن كان عدلاً في الظاهر مثل هذا لا بد من أن يأتي حديثه من طريقٍ آخر من طريقٍ معتبر يساوي هذا الطريق أو يكون فوقه بحيث لا ينزل عنه.
وعرفنا فيما تقدم في بحث العدالة أنه هل المطلوب العدالة الظاهرة تكفي؟ بناءً على أن الأصل في المسلم الستر، وإنا إنما كلفنا بالعمل الظاهر أو أنه لا بد من معرفة عدالته الباطنة؟ وحينئذٍ يلجأ إلى أقوال المزكين، الخلاف تقدم ذكره، واختار الثاني جمعٌ من أهل العلم، بحيث لا تقبل شهادة من جهلت عدالته باطناً إلا بالتزكية، وإن كان القول الأول مختار عند جمعٍ من أهل التحقيق؛ لأننا لم نكلف البحث في البواطن، لنا الظاهر والباطن له الله -جل وعلا-.
وما روى المستور أو من دلسا ... . . . . . . . . .
المدلس، المدلس والتدليس بحث مستقل، التدليس بحثٌ مستقل، نوعٌ من أنواع .. ، الحديث المدلس نوع من أنواع الضعيف، وعلى كل حال التدليس إظهار الحديث على وجهٍ يخفى فيه عيبه، فالمدلس الذي يظهر الحديث على وجهٍ لا عيب فيه، كالذي يظهر السلعة على وجهٍ لا عيب فيه يسمى مدلس، وخيار التدليس كما تعرفون عند أهل العلم يقولون: كتسويد شعر الجاهل، وجمع ماء الرحى، وما أشبه ذلك، المقصود أنه إظهار السلعة على وجهٍ لا عيب فيه يسمى تدليس، وهو في الحقيقة غش، والتدليس غش.
على كل حال التدليس: إذا روى الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه بصيغةٍ موهمة، يروي الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه بصيغةٍ موهمة يكون قد دلس، أو يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه أيضاً هذا ضربٌ من التدليس، وأما رواية المعاصر عمن لم يلقه فهذا هو الإرسال الخفي عند أهل العلم، وسيأتي تفصيل ذلك -إن شاء الله تعالى-.