يعني إذا قيل لك مثلاً: الشرب قائماً حرام، ثم نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه شرب قائماً، هل نقول: إن كلمة حرام هذه انصرفت من التحريم إلى الكراهة؟ يمكن صرفها وهي كلمة لا تحتمل؟ ما تحتمل إلا التحريم، لكن النهي عن الشرب قائماً يحتمل النهي أن يكون للتحريم، وأن يكون للكراهة، فجاء ما يصرفها، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
إذا بحثنا في دلالة الكلمة التي هي الواجب، هل كلمة (واجب) في أصل الشرع في النصوص هي التي تعنيها هذه الكلمة في اصطلاح العلماء، يعني في لغة العرب إذا قيل: حقك واجب علي، لو أنت من أبعد الناس تقول لشخص كبير: والله حقك واجب علي، هل معنى هذا أنك تأثم إذا ما أديت شيء من حقوقه؟ يعني إذا نظرنا إلى الحقائق الشرعية مع الحقائق العرفية الاصطلاحية نجد فيها شيء من التباين، وبهذا تنفك الجهة، إذا أقسم لك واحد أنه عمره كله ما شاف جمل أصفر، تقول: يا أخي أنت تكذب القرآن {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(٣٣) سورة المرسلات] تقول له هذا الكلام؟ يقسم بالله العظيم أنه ما رأى جمل أصفر، ومراده بالأصفر الأصفر المتعارف عليه الآن، وين الأصفر؟ شوف الكتاب هذا الذي فيه شوف خلف الكتاب أو خلف الإعلان هذا الأصفر هذا الكتاب اللي معنا خلفه أصفر، في جمل بهذا اللون؟ لا لا خلفه هذا الواضح إيه هذا، في جمل بهذا اللون؟ ما في إلا كالجراد ... ، وين الجمال؟ لكن لو قال مثلاً: أنا عمري كله ما رأيت جمل أصفر، نقول: يا أخي أنت وقعت في أمرٍ عظيم، القرآن يقول لك:{كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(٣٣) سورة المرسلات] اختلاف الحقائق العرفية مع الحقائق الشرعية في مندوحة لمثل هذا، فلينتبه له.
كالأمر إن عورض بالجواز في ... تركٍ لمأمور إلى الندب اصرفِ
ومثله النهي لكرهٍ صرفا ... . . . . . . . . .
يعني النهي الأصل فيه التحريم ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) النهي الأصل فيه التحريم.