هل لقائلٍ أن يقول: هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام- والقول ينتابه العموم وذاك من فعله -عليه الصلاة والسلام- والفعل لا عموم له فيحمل على أنه خاصٌ به؟ أو كما يعبر بعضهم أنه قضية عين لا عموم لها، ويبقى:((أفطر الحاجم)) بالنسبة لعموم الأمة، وهذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- كونه احتجم، هذا يلجأ إليه بعضهم، لكن لنعلم أن كلَّ كمالٍ يطلب من البشر لا سيما إذا اقترن بعبادة التي طلب من المسلمين تعظيمها كالصيام مثلاً فإذا طلب من الأمة هذا الكمال ألا يكون الأولى به النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينزه صومه الذي نهى عن غيره ينزه صومه على أن يخدش بمثل هذا؟ لا بد.
لأن بعض الناس عند التعارض تعارض القول مع الفعل يقول: الفعل خاص به -عليه الصلاة والسلام-، أولاً: الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، الأمر الثاني: أنه ينبغي أن نستحضر أن كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به.
يعني مثل ما قالوا في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببولٍ أو غائط، ثبت النهي من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وثبت من فعله من حديث ابن عمر أنه استدبر الكعبة واستقبل الشام وهو يقضي حاجته، منهم من يقول: هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، نقول: تعظيم الجهة جهة القبلة من تعظيم شعائر الله، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به من غيره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به من غيره، فكيف نقول: إن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينتهك مثل هذه الأشياء والأمة تنزه عنه؟!
للعلماء وجوه كثيرة للجمع بين هذه النصوص، لكني مثلت بها لنكون على علمٍ من هذا، ما هو كل ما اختلف عندنا هذا وهذا قلنا: هذا خاص بالنبي وهذا .. ، الخصوصية تحتاج إلى دليل، وينبغي أن نفهم ما يليق به -عليه الصلاة والسلام-، يعني كمال يطلب من الأمة والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينتهك هذا الكمال؟!