يعني يحفظ مائة ألف، والكتب الخمسة ليس فيها من غير تكرار، ولا ربع هذا المقدار، بل ولا نصف ولا الثمن، المقصود أنه يصفو من صحيح السنة الزائد على الصحيحين الشيء الكثيرة، فهذه الدعوى التي وجهها وألف فيها على أنه مجتهد لكنه أخطأ في اجتهاده، وكل دعوةٍ تظهر على هذه البسيطة لا تخلو من مؤيد، ولذا وجد فرقة طائفة تدعو إلى الاقتصار على القرآن وعلى الصحيحين، لكن مثل ما ذكرنا هذا يهدر أكثر السنة، نعم العناية بكتاب الله -عز وجل- لا يناقش فيها أحد، العناية بكتب السنة لا سيما صحيح البخاري ثم صحيح مسلم لا يماري في ذلك أحد، لكن ليس معنى هذا أنك تقف، كمن حديث صحيح في مسند الإمام أحمد لا يوجد في الستة فضلاً عن الصحيحين وغيرها من دواوين الإسلام المعتبرة عند أهل العلم، وأوردنا هذا الكلام لأن هذه الفكرة لها رواج، نعم هي فيها تيسير وفيها حصر للعلم وإدراك للعلم في أقصر مدة، لكن يبقى أن فيها تضييع وإهدار، يعني لو إنسان قال: أنا باقتصر على الصحيحين قراءة ودراسة وإقراءً وفهماً ما يلام، لكن لا يتضمن كلامه هذا إهدار لبقية الكتب.
بالطرف المقابل وهذا أيضاً مما يعاب على بعض المتعلمين شغفهم بالإغراب، فتجد بعض مبتدئ الطلبة يُعنى بأجزاء غير معروفة، معاجم غير مشهورة، مشيخات مسلسلات، نعم فيها طرق لأحاديث أصولها معروفة، ولا يلام من بدأ بالأهم فالمهم كما يقول الشيخ حافظ -رحمه الله تعالى- في قصيدته الميمية:
بالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص والآراء فاتهمِ
اتهم الآراء، نعم لا تذهب إلى الإغراب تذهب إلى جزء كذا جزء كذا مشيخة كذا، معجم كذا وأنت لا تعرف الصحيحين، هذا خلل في منهجية التحصيل، وقلَّ أن يفلح من يتخبط مثل هذه التخطبات، ويترك الأهم ويذهب إلى ما دونه.
فطالب العلم يوصى بأن يعنى بكتاب الله -عز وجل- الذي مجرد تلاوته عبادة، ثم بعد ذلك يثني بأصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، وهو صحيح البخاري، ثم يثلث بصحيح مسلم، ثم السنن، ثم المسانيد إلى آخره.