للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"ومن يوافق غالباً ذا الضبط ... فضابطٌ أو نادر .. " يعني يوافق نادر فمخطئ، لكن من خلال الاستقراء لأحكام أهل العلم على الرواة بهذه الأحكام تجدهم لا يوصلون نسبة الخطأ إلى هذا الحد، بل صرح بعضهم بالسُبع، نعم هذه أمور نسبية، فإذا كثر الخطأ في حديث الراوي راوي يحفظ ألف وغلط في مائة حديث، نعم لا شك أن الكثرة الكاثرة من مروياته الصواب، لكن راوي يروي مائة حديث ويغلط في خمسة عشر حديث هذا قد لا يقبل خطأه؛ لأن المسألة نسبية؛ فالمكثر من الرواية يغتفر في خطئه ما لا يغتفر من المقل، وليس الضابط قد تكون هذه أكثر وهذه أقل، فمن يخطأ في الخُمس مثلاً في مائتي حديث يكثر الخطأ في حديثه، فيرد خبره من أجل هذا، بل يتوقف فيه، وكلما زادت النسبة في الخطأ زادت الريبة، وزاد التوقف في قبوله، وكلما قلت النسبة نسبة الخطأ والوهم والغفلة والمخالفات كلما قلت النسبة رجح جانب الإصابة وغلب على الظن ضبطه وإتقانه، فالمسألة نسبية يا الإخوان، وهذا العلم لا شك أنه من أصعب العلوم ليس بالأمر السهل لأنه حتى عند الترجيح بين رواية فلان وفلان، الترجيح بين رواية زيد وعمر كيف؟ أنت إذا نظرت إلى الرجلين وجدت هذا ضبط أحاديث وهذا ضبط أحاديث، وهذا عنده مميزات، وهذا عنده مميزات، وهذا لحظ عليه أخطاء، وهذا لحظ عليه أخطاء، فكيف ترجح بين راويين؟ إذ لا يمكن أن يوجد راويان متطابقان من كل وجه، لا بد أن يوجد عند هذا ما لا يوجد عند هذا من الحفظ والضبط والإتقان، ويوجد عند هذا من الأغلاط ما لا يوجد عند هذا، فالمسألة كلها نسبية، ووفق الله -جل وعلا- جهابذة هذا العلم، وحفظ الله بهم الدين، فحكموا على الرواة بأحكام دقيقة موفقة، رغم أن هذا الحكم يحتاج إلى دقة نظر، ويكفي فيه غلبة الظن، يعني كالقاضي إذا جاءه الشهود هل يتصور أن القاضي يعرف عن الشهود كل ما يعملونه من طاعات، وكل ما وقعوا فيه من مخالفات؟ ما يتصور هذا، أخوك الذي معك في البيت أو ابنك قد يتصرف تصرفات تخفى عليك، وهذه التصرفات التي قد تخفى عليك تؤثر في حكمك عليه، فالناس ليس لهم إلا الظاهر، وأيضاً الاستفاضة إذا استفاض وانتشر بين الناس فضل الرجل يكفي في الحكم عليه، ولذا يقول الحافظ العراقي

<<  <  ج: ص:  >  >>