للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية لها طرفان، رواية الأخبار لها طرفان هما: التحمل والأداء، فالتحمل حفظ الأحاديث عن الشيوخ، والأداء رواية الأحاديث للتلاميذ، فالشخص يتصف بالوصفين، يتحمل عن شيوخه ويؤدي إلى تلاميذه، يتحمل الحديث عن شيوخه ويؤديه إلى من يأخذ عنه، والشيخ -رحمه الله تعالى- قال: صيغ الأداء ثمان، صيغ الأداء ثمان، المراد بذلك التحمل لا الأداء، يعني طرق التحمل ثمان، أما صيغ الأداء لا تقتصر على ثمان، ولو جمعنا صيغ الأداء سمعت، وحدثني، وأخبرني، أنبأنا، عن فلان، قال فلان، أن فلان قال، صيغ كثيرة لا تعد، بالإفراد، بالجمع، في صيغ نادرة جداً للأداء، وقد يؤدي الراوي بدون صيغة، فلان بن فلان بس، كما يقول النسائي: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، قُرِئ فلان، أجازنا فلان، ناولني فلان، كتب إلي فلان، إذاً صيغ الأداء لا تعد، كثيرة جداً، هناك صيغة للأداء موجودة في صحيح مسلم قد لا يعرفها كثير من طلاب العلم، في حديث الفتن: ((العبادة في الهرج كهجرة إلي)) حدثنا فلان رده إلى فلان عن فلان رده إلى فلان، إيش رده إلى فلان؟ يعني هل المقصود حصر الصيغ صيغ الأداء في هذا الباب؟ ليس المقصود هذا، والعلماء لا يبحثون هذا، إنما يبحثون طرق التحمل وما يناسب كل طريقة من طرق الأداء، صحيح طرق التحمل ثمان، لكن الشيخ جاء بصيغ للأداء يقول:

وصيغ الأداء ثمانٌ فاعتنِ ... سمعته حدثني أخبرني

قرأته قري عليه وأنا ... أسمع ثم انبأني والجمع نا

إنما يُبحث طرق التحمل، وهي ثمان: السماع من لفظ الشيخ، وهذا هو الأصل في الراوية، والرواية به جائرة بالإجماع، وهي أقوى من غيرها اتفاقاً، الثاني: القراءة على الشيخ التي يسمونها العرض، نقل الاتفاق على صحة الرواية بها، وشذ من تشدد من أهل العراق وقال: لا تقبل الراوية بالعرض؛ لأن الأصل السماع من لفظ الشيخ، وحديث ضمام بن ثعلبة صريح في الرواية بالعرض، والإمام مالك لا يمكن أن يقرأ على أحد أو يسمع أحداً إنما يُقرأ عليه، ثم الإجازة، ثم المناولة، ثم المكاتبة، ثم الإعلام، والوصية والوجادة، ثمان، هذه طرق التحمل، ثم لكل طريقة من هذه الطرق صيغ من صيغ الأداء، فالبحث في كيفية التحمل ثم الأداء الصيغ سهل أمرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>