أجاز يجيز إجازة، وأصلها إجوَازة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها، أو إجْوَازة حتى قالوا: تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها فقلبت ألفاً، ثم اجتمع عندنا مثلان ساكنان، فحذفت إحداهما إما الأصلية على قول، أو المنقلبة على قول، فصارت إجازة، الإجازة هي الإذن بالرواية، وهي أمر حادث لا يعرف عند الصحابة والتابعين، إنما احتياج إليها لما كثر الطلاب، وكثرت المصنفات وتفرقوا، يعني كيف تتصور رواية الكتب مع منع الإجازة الآن؟ إذا قلنا: ما في إلا قراءة وإلا عرض؟ كيف تتصور راوية الكتب الآن؟ وقبل ذلك لما دونت الأحاديث، يعني هل تبي تجلس .. ، صاحب الرواية هذا يبي يجلس فإذا جاءه طالب قال: أنا أريد أن أروي عنك البخاري قال: اسمعه مني أو إقرائه علي، ثم لما قرأ له مجلد جاء ثاني: أنا أبي أروي عنك البخاري، ثم تنكسف ترجع من أول وإلا تكمل لهذا وتكمل له فيما بعد، ثم يجي ثالث بعد انتهاء مجلد، ثم يجي رابع وهكذا، فضلاً عن مئات وألوف، إنما أجيزت للحاجة، والضرورة الداعية إلى ذلك، وإلا فالأصل أنها ليست لا بسماع ولا بعرض، فكيف تأذن لشخص يروي عنك ما سمع منك ولا قرأت عليه؟ ولذا منع بعضهم الرواية بالإجازة، وقال: إن من قال لغيره: أذنت لك أن تروي عني ما لم تسمعه مني كأنه قال: أذنت لك أن تكذب علي، واضح وإلا مو بواضح؟ نعم، يعني لو تقل له .. ، توكل لك واحد تقول له: أي شيء تشوفه، عقود تبرم تراك بمكاني أشهد عليه أنت ثقة -إن شاء الله-، .... يسوغ هذا وإلا ما يسوغ؟ إذاً أي حديث تريد روايته من هذا الكتاب اروه عني، أذنت لك أن ترويه عني، وأنت ما سمعته من لفظي ولا قرأته علي، لا شك أنها على خلاف الأصل لكنه الضرورة، الضرورة أوجدت مثل هذا التجويز منهم، ومنهم من يقول: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة، ما يحتاج تروح لا يمين ولا يسار، المسألة بس أذنت لك أن تروي عني ها المكتبة كلها وخلاص انتهى الإشكال، فما يحتاج ترحل ولا تروح، لكن الضرورة الملحة لبقاء خصيصة هذه الأمة، الرواية بالأسانيد المتصلة من خصائص هذه الأمة، لا توجد في غيرها، فلو لم تبح الإجازة وتصحح الراوية بها لانقطعت الرواية، تنقطع الرواية، وهذه من خصائص هذه الأمة، فأجازوا الإجازة