هذا المبحث مبحث مراتب الجرح والتعديل وألفاظهما، من أهم من يبحث في هذا الفن؛ لأنه به يعرف منزلة الراوي، والحكم عليه، والتعديل هو توثيق الراوي والحكم له بقول روايته، وألفاظ التعديل كلمات وجمل تبين منزلة الراوي في القبول، ويقابله التجريح الذي هو أيضاً ألفاظ وجمل، تطلق على راوٍ بعينه تبين منزلته في الضعف، هذه المراتب التي تجمع أكثر من لفظ لكنها متساوية في مرتبة واحدة هذه عند الحكم على الراوي يحتاج إليها، وعند التعارض بين مرويات الرواة يحتاج إليها، عند تصنيف الرواة من حيث القوة والضعف يحتاج إليها، وهذا الفن في غاية الأهمية، وكثير منه واضح الدلالة، وفيه أيضاً جمل وألفاظ استعملها أهل الحديث غامضة الدلالة على المراد، بل فيها ما يتنازع فيه هل جرح أو تعديل، لكن من عرف اصطلاحات القوم وأدام النظر في كلامهم تبين له المراد، فمثلاً لما يقول أبو حاتم مثلاً في جبارة بن المغلس:"بين يدي عدل" هل نفهم من هذا أنه تعديل أو تجريح؟ الحافظ العراقي يقول: تعديل، وتبعه الحافظ ابن حجر مدة، ثم تبين له أنه من أسوأ ألفاظ التجريح "بين يدي عدل" من أين؟ هل استدل على هذا بالغة مثلاً؟ أو نظر في الرجل وفي حال الرجل وما قيل فيه؟ وهل يستحق التعديل من أبي حاتم؟ وهل أبو حاتم متساهل بحيث يعدل من ضعفوا؟ يعني إذا وجدنا الأئمة كلهم يضعفون جبارة بن مغلس ويقول فيه أبو حاتم الذي هو متشدد في التجريح "بين يدي عدل" هذا لا شك أنه يوجس أو يوجد ريبة في الراوي، الحافظ ابن حجر يقول: إنه وقف على قصة في كتاب الأغاني، قال: إن طاهر القائد على مأدبة مع أولاد الرشيد، فجاء أحدهم فأخذ هندوبات إما قرع وإما كوسة وإلا شيء وإلا باذنجان .. ، أخذ هندوبات وضربه مع عينه، وهو أعور، ضربه في العين السليمة، فشكاه إلى أبيه، فقال: فلان ضرب العين السلمية والأخرى بين يدي عدل، يعني هالكة تالفة، ثم استقصى بعد ذلك فوجد في أدب الكاتب لابن قتيبة، وهذا يبين لنا أهمية التنوع والتفنن في الطلب، أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يكون مقتصراً على فن واحد أو أكثر من فن بحيث يعوزه فنون أخرى لا عليه أن يكون مطلعاً، فوجد أن العدل شخص اسمه: العدل، وكان على شرطة تبع