بدأنا بالأمس في تقسيم الأخبار من حيث كثرة الطرق إلى متواتر وآحاد، وقلنا: إن هذا التقسيم معتبر عند أهل العلم، وإن لم يكن موجوداً في كلام المتقدمين إلا أنه يفيد طالب علم تسنده اللغة من جهة، واعتنى به أهل العلم ولا محظور فيه شرعاً، لا يخالف نص ولا محذور فيه، نعم المحذور الذي رتب على خبر الآحاد وأنه لا يفيد إلا الظن سيأتي بحثه -إن شاء الله- في موضعه، لكن اعتمد هذا التقسيم الكبار من أهل التحقيق كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وجمع غفير من أهل العلم.
يقول بأن ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه انتهينا، والذي روى تعريف ...
يقول:
اعلم بأن هذا الشانِ ... قد قسموا الأخبار بالتبيانِ
لذي تواترٍ يفيد العلم لا ... بنظرٍ بل بالضرورة انجلا
طيب، المتواتر يفيد العلم، ولا بد من بيان معنى العلم ومعنى الظن؛ لأننا نحتاج هذه الأمور في هذا الباب وفي باب خبر الواحد، فالعلم عندهم الذي لا يحتمل النقيض، العلم هو ما لا يحتمل النقيض، بل نتيجته مائة بالمائة، ما يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه، هذا من الأخبار.
إذا أخبرك جمعٌ من الثقات جمعٌ من الثقات بأن زيداً قدم لا محيد ولا مفر من تصديق هذا الخبر، وحينئذٍ يكون هذا الخبر أفادك العلم؛ لأنه لا يخطر ببالك أنه بمجموعهم كذبوا عليك، أو وقع منهم الخطأ بمجموعهم، لكن لو أخبرك واحد أو اثنين أو ثلاثة بأن زيداً قدم وهم ثقات عندك، وجاء شخص رابع وقال: زيدٌ لم يقدم، خبر الثلاثة وكلهم ثقات أفادك علم وإلا .. ؟ لو جاء الرابع مؤيداً لهم بأن زيداً قدم وخامس وسادس وعاشر وعشرين خلاص أفادك العلم، فلا يؤثر فيه أن يأتي شخص يقول: لم يقدم زيد، لكن إذا قال ثلاثة: زيد قدم ثم جاء رابع قال: لم يقدم زيد، كلام الثلاثة راجح إذاً هو ظن، كلام الرابع مرجوح إذاً هو وهم من حيث الحكم هذا من حيث الحكم، لو جاءك ثلاثة قالوا: زيدٌ قدم وثلاثة قالوا: زيدٌ لم يقدم وكلهم بمنزلة واحد هذا يورث عندك الشك وهو الاحتمال المساوي.