وعرفنا الفرق بين العلم النظري والعلم الضروري، العلم الضروري لا يحتاج إلى نظر ولا استدلال، ولا يحتاج إلى مقدمات، بينما العلم النظري يحتاج إلى مقدمات حتى تصل إليه، فإذا وصلت إليه صار مثل الضروري في النتيجة لا يحتمل النقيض وضربنا أمثلة بالأمس.
ثم قال معرفاً المتواتر: والمتواتر مأخذ من التواتر وهو التتابع، وهو مجيء الشيء دفعات، تقول: جاءت الإبل متواترة أي دفعات ما جاءت دفعة واحدة، فهؤلاء ما دخلوا عليك المكان وقالوا: جاك زيد ثم جاك عمرو ثم جاء بكر ثم جاء كذا هذا الأصل.
"وهو الذي جمعٌ رواه" لا بد أن يكون من رواية جمع ليفيد التواتر، وهذا الجمع لا حصر له على القول الصحيح لا حصر له، لا يحصر بأربعة ولا بعشرة ولا بعشرين ولا بسبعين ولا بأربعين، وإن قيل بذلك، لكن لا حصر له، إذا كان العدد هذا لا حصر له كيف نعرف أن هذا الجمع بلغ حد التواتر؟ قد يبلغ التواتر وهم عشرين، قد يبلغ التواتر وهم عشرة، كيف نعرف أن هذا الجمع قد بلغوا حد التواتر أو القدر المقبول في التواتر؟ هؤلاء الجمع لا بد أن تحيل العادة تواطئهم على الكذب أو يحصل منهم اتفاقاً، أولاً: لا بد أن يرويه جمع من غير حصر عن مثلهم في جميع الطبقات جمعٌ عن جمعٍ عن جمع، وأن تحيل العادة تواطئهم على الكذب، ولا يحصل منهم ولا من غير تواطؤ ولا اتفاق، وأن يسندوا خبرهم إلى الحس إلى شيء محسوس لا إلى شيء معقول، زاد بعضهم: وأن يفيد العلم، وإفادة العلم شرطٌ لنعرف أن هذا العدد قد بلغ الحد المطلوب، ولذا يقول:
وهو الذي جمعٌ رواه اتفقوا ... أحالت العادة أن يختلقوا
"عن مثلهم رووا -هذا الشرط الثالث- بلا امتراءِ"
. . . . . . . . . ... من ابتدا الإسناد لانتهاءِ
يعني من أن يبتدئ إلى أن ينتهي.
جواستند انتهاؤهم للحس لا ... محض اقتضاء العقل وانضاف إلى
ذلك أن يصحب ذاك الخبرا ... إفادة العلم اليقيني لا مرا