هذه شروط المتواتر أن يرويه جمعٌ تحيل العادة تواطئهم على الكذب، جمع تحيل العادة عن جمعٍ مثلهم، وأن يستندوا في خبرهم إلى الحس، يعني من مشاهدة من سماع بإحدى الحواس الخمس، يعني تكون إدراك الخبر بإحدى الحواس الخمس لا بالعقل، يعني لو جاءنا أمة تقول وقد وجد أعداد هائلة عن مثلهم ممن يقول بقدم العالم مثلاً، نقول: هذه مسألة عقلية مهما كثروا، ومهما تواطئوا لا يفيد خبرهم العلم، تواطأ النصارى على القول بالتثليث لا يفيد العلم؛ لأنهم لم يستندوا في ذلك إلى الحس.
ما يشاع من الأخبار وسيلة من وسائل نقل الأخبار إما مرئية أو مسموعة أو مقروءة مما يثق الناس به بعض الآلات يوثق بها من قبل عموم الناس؛ لأنها جربت تأتي بأخبار جديدة وغريبة، وفي الغالب يعني دقيقة، أشاعت خبر ثم تناقلته جميع وكالات الأنباء، وتحدث الناس به في مجالسهم، نقول: هذا وإن نقله الكافة إلا أن نقله عن جهة واحدة ما رووه عن مثلهم، فهذه إشاعة، ولذا في الصحيح في البخاري عمر -رضي الله عنه- لما دخل المدينة وجد الناس يتناقلون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، فجاء إلى المسجد فوجد الناس مجتمعين حول المنبر ويسألهم قالوا: نعم طلق النبي -عليه الصلاة والسلام- نساءه، النبي -عليه الصلاة والسلام- آلاء من نسائه شهراً واعتزل في المشربة، وصاحب ذلك شيء من احتجابه -عليه الصلاة والسلام-، وعدم استقباله للناس، فتوقع شخص أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه فأشاعه، والأرضية موجودة لقبول الخبر كما يفعل الآن عن ترويج بعض الأخبار، يوطن الناس، وتوجد الإرهاصات ثم يذكر هذا الخبر، فتجد الناس يقبلونه، يمكن شخص من المنافقين أشاع والإشاعات النفوس عموماً جبلت عليها، لكن على الإنسان أن يلتزم بآداب الشرع وتعاليم الشرع، لا يقبل مثل هذه الإشاعات، ولهذا يقول الحافظ في شرح الحديث: الإشاعات ولو كثر ناقلوها فإنها لا تفيد العلم، ما لم تستند إلى الحس، وبعض الناس يكون فيه شيء من التغفيل بحيث يوطن لقبول خبر يلقى إليه مرة مرتين على وجوه وعلى صيغ من قبل شخص ويدفع إليه آخر ثم كذا فيصير يفيد العلم عنده، وهو في الأصل لا أصل له.