فالإشاعات لم تستند إلى حس، يعني ما نطق بها صاحب الشأن، ولذا لما استأذن عمر على النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة مرتين ثلاثة ثم أذن له ودخل سأله سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: أطلقتك نساءك؟ قال: لا، والناس كلهم يتحدثون بالمدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، فمثل هذه الإشاعات لا تفيد علماً ولو كثر ناقلوها، ولو تناقلتها وكالات الأنباء، وبثتها الصحف والقنوات وتحدث بها الناس كلهم، فالأمة متبوعة لا تابعة، عندنا أصول نعتمد عليها، عندنا قواعد وضوابط نمحص بها الأخبار.
وعلم مصطلح الحديث كفيل بضبط أمور الناس في هذا الباب لو طبق كما هو، قواعد لقبول الأخبار، قواعد لقبول نقلة الأخبار، قواعد لقبول من ينقد النقلة، والآن تجد الإشاعات على أشدها، وتمشي على كثيرٍ من الناس، وتجد ناس يعدلون ويجرحون وليسوا بأهل، وتجد آحاد طلاب من ينتسب إلى العلم يقعون في الكبار من متقدمين ومتأخرين ولا يردعهم رادع ولا ورع ولا شيء، ينصبون أنفسهم حكام على خلق الله -عز وجل-، فلا بد أن تتوافر هذه الشروط.
وعرفنا أنه لا بد أن يرويه جمع تحيل العادة تواطئهم على الكذب وأن يحصل ذلك منهم اتفاقاً عن مثلهم في جميع طبقات الإسناد وأسندوه إلى شيء محسوس، وزاد ابن حجر وأورده الناظم -رحمة الله عليه- أن يكون خبرهم مفيداً للعلم؛ لأنهم قد يأتون بكثرة لكن خبرهم ما يفيد العلم، كما ذكرنا عن الإشاعات، وأن يكون مفيداً للعلم، هنا يأتي الإشكال: إذا اشترطنا إفادة خبرهم العلم جاء الإشكال، جاء الدور الذي أشار إليه السائل، نحن لا نعرف أن هذا العدد اكتمل العدد المفيد للتواتر عدد العدد المطلوب المشترط للتواتر لا نعرف أنه بلغ الحد المطلوب إلا إذا أفاد خبرهم العلم، وخبرهم لا يفيد العلم حتى يكتمل العدد، ظاهر الدور وإلا ما هو بظاهر؟ نعيد؟ طيب يعاد: