يعني لو قال شخص: أنا أصطلح لنفسي أن تكون السماء وهي في مكانها أقول: تحت، والناس يقولون: فوق، والأرض فوق وإن كانت تحت ويش اللي يضر؟ لا مشاحاة في الاصطلاح وأبين، نقول: لا، هذا يخالف ما تقرر عند جميع العقلاء، فليس لك أن تصطلح لنفسك ما يخالف ما تقرر، لو قال: أنا أجعل الشمال جنوب والجنوب شمال، أجعل في اصطلاحي أن اليمن في جهة الشمال، والشام في جهة الجنوب، نقول: لا، هذا يخالف ما اصطلح عليه، لكن لك أن تصطلح لنفسك ولا مشاحاة في الاصطلاح أن تقلب الخارطة، فبدلاً من أن يكون الشام في رأس الخارطة، واليمن في أسفلها اقلب لا بأس، ما في مانع؛ لأن هذا لا يغير من الواقع شيء.
أقول: هذه المسألة التي تطلق على ألسنة أهل العلم هي بحاجة إلى مثل هذا التقييد، ولا نريد أن نسترسل أكثر من هذا، فنأتي إلى التعريف بالمؤلف.
المؤلف -رحمة الله عليه- أشهر من نار على علم، فهو بالنسبة لاسمه:
الشيخ العالم العلامة، وإن صغر سنه، فالعبرة بما حواه من علمٍ وعمل، اسمه: حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، نسبةً إلى الحكم بن سعد العشيرة، ولد -رحمة الله عليه- .. نريد أن نختصر اختصار شديد جداً؛ لأن سيرة الرجل -رحمة الله عليه- العطرة كتب فيها رسائل علمية، ودونت في بطون الكتب ضمن التراجم بإفاضة، استوفيت حياته -رحمة الله عليه-، وشيوخه، تلاميذه، مؤلفاته، شيء من أخباره، المقصود أن هذا مستوفى، لا نستطرد بذكره.
ولد -رحمة الله عليه- سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف، في شهر رمضان بقرية يقال لها: السلام، تابعة لمدينة المظايا، حاضرة قبيلة الحكَّامية أوالحكَامية،. . . . . . . . . أعرف بضبطها، التي ينتسب إليها، ثم انتقل إلى قرية الجاضع التابعة لمدينة سامطة، تعلم مبادئ القراءة والكتابة في الكتاب، حيث ألحقه أبوه بكتاب القرية، حفظ القرآن وبعض المتون العلمية في وقتٍ مبكر جداً، لزم الشيخ عبد الله القرعاوي، الذي انتقل إلى المنطقة هناك في جيزان سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة وألف في شعبان.