للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

السنن التي أتت وثبت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فلا يتدين بشيء ولو نسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يكن ثابتاً عنه "أتت عن رسول الله" يعني ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- بطرق صحيحة أو حسنة "تنجو وتربحُ" يعني في هذا الباب المصدر الكتاب، وهذا أمر متفق عليه، والسنة، آحادها ومتواترها، كلها يجب العمل به في جميع أبواب الدين، يجب العمل بالسنة في جميع أبواب الدين، والسنة تشمل كل ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، سواءً كان في الصحيحين أو في غيرهما، ولذا الفئة التي خرجت تزعم أنها تقتصر على القرآن، ويسمون أنفسهم القرآنيين، هؤلاء على ضلال بلا شك، وليسوا بقرآنيين لأن القرآن جاء بالأمر بطاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والفئة الأخرى التي توسعت قليلاً فرأت الاقتصار في مصادر التلقي على القرآن والصحيحين فقط، وهذه ذكرناها في بعض الدروس التي مضت، وهناك جمعية وجماعة سموا أنفسهم جماعة الاقتصار على القرآن والصحيحين، وأشرنا إلى أن هناك مصنف اسمه تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين، وهذا لا شك أن في هذا تضييعاً وإهداراً لقدر كبير مما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج الصحيحين، فالتدين على هذه الطريقة ناقص، فقد يكون في غير الصحيحين ما هو ناسخ لما في الصحيحين، وقد يكون في غير الصحيحين ما هو مخصص، وقد يكون ما هو خارج الصحيحين مقيد لما في الصحيحين، وحينئذٍ يكون التدين بهذه الطريقة ناقص، فعلى هذا على المسلم خصوصاً طالب العلم أن يعنى بكتاب الله -جل وعلا- الذي هو المصدر الأول، وجميع ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- سواءً كان ذلك متواتراً أو آحاد، وسواءً كان من أفراد الآحاد الصحيح والحسن كله مقبول في جميع أبواب الدين، وأما المبتدعة فإنهم لا يقبلون أخبار الآحاد في العقائد؛ لأن أكثر الأخبار جاءت بطريق آحاد، ورسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الملوك وغيرهم أفراد، والاستدلال على حجية خبر الواحد وإن كان فرداً واحداً فضلاً عن أن يكون عدد أكثر من أن تحصر، وعلى هذا درج الصحابة بعد أن أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الآفاق أفراد يعلمونهم الدين، وينقلون لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>