الشاطبي في الاعتصام رد هذا التقسيم وأبطله، وقوض دعائمه، وذكر أنه بدعة، أمر مخترع مبتدع، هذا التقسيم، قد يكون .. ، قد يستدلون بأشياء: من سن سنة حسنة، ومن سن سنة سيئة، ويوجدون بعض الأمور التي وجدت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتداولها المسلمون من غير نكير، فهي محدثة، ولم يرد نص فيها بخصوصها، وتداولتها الأمة من غير نكير، فقالوا: الرد على المخالفين هذا واجب، لكنه أمر مبتدع ومخترع، ومثلوا به للبدع الواجبة، بناء المدارس والأربطة قالوا: هذا مبتدع، لكنه مستحب، وأما البدع المباحة عندهم كالتوسعة في التوسع في أمور الدنيا من المأكولات والمشروبات والمركوبات والمساكن وغيرها، والبدع المكروهة والمحرمة مثلوا لها بأمثلة مقبولة.
لكن كيف يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعة ضلالة)) ونقول: إن هناك بدعة واجبة، ونمثل لها بالرد على المخالفين؟ القرآن مملوء بالرد على المخالفين، والسنة الصحيحة الصريحة فيها شيء من ذلك فكيف يكون الأصل والعمدة على كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ونقول بدعة؟ المخالف الذي يخالف الصراط المستقيم، وما جاء عن الله وعن رسوله، يريد أن ينشر الضلال والبدع والفساد بين المسلمين مثل هذا يرد عليه، وهذا من الجهاد باللسان، وقد جاء الأمر به. . . . . . . . .، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- حسان أن يرد على المشركين، فكيف بعد هذا أن يقال: إن هناك بدعة واجبة يمثل لها بالرد على المخالفين؟ الرد على المخالفين أصله في الكتاب والسنة فهو مندرج فيها، نعم آحاده كغيرها من المسائل يوجد الأصل في القرآن {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(٣٨) سورة الأنعام] ويفرع على هذا الأصل ما يندرج تحته، وهذا منها.
البدع المستحبة بناء المدارس وبناء الأربطة هذا جاءت النصوص بما يدل على قاعدة شرعية مستمدة من النصوص، ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب، والوسائل لها أحكام الغايات، وهكذا، هذه قواعد شرعية مستمدة من النصوص.