للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث المقيد: ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس)) حديث ابن مسعود هذا مخيف مخيف، الإنسان لا يأمن ولا يضمن ولو عاش طول عمره، ولو اتفقت ألسنة الناس على مدحه طيلة عمره فلان وفلان، فلان يفعل كذا، وفلان، لا هذا حديث مخيف سوء العاقبة كان السلف يخافونها، ويلهجون بحسن الخاتمة، طيب خفي عليهم حديث: ((فيما يبدو للناس)) ما خفي عليهم، قيدوا المطلق بالمقيد وإلا ما قيدوا؟ لأن الخوف من سواء العاقبة يجب أن يستصحبه كل أحد، واللهج بالدعاء بحسن الخاتمة ينبغي أن يكون ديدن كل مسلم، وكان سلف على الأمة على وجل عظيم من سوء الخاتمة، وما قالوا والله الرسول يقول: فيما يبدو للناس، واحنا لا محنا، نحن هذا ليس وصف لنا، احنا نعمل من قلب وإخلاص، لا هذه تزكية للنفس، هو ما يدريك أن يزل بك قدمك في آخر لحظة، ما تدري أنه يختم لك فسلف هذه الأمة فيما يؤثر عنهم من نصوص كثيرة لم يقولوا بتقييد المطلق هنا، بل صاروا على وجل عظيم وخجل شديد من سوء العاقبة، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم لا سيما من عنده شيء من العلم؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، وكثيراً ما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))، فيسأل الله الثبات في كل لحظة من لحظاته، ويسأل الله -جل وعلا- أن يحسن له الخاتمة، وأن يستعمله فيما يرضيه، هو لا يعتمد على مثل الرواية المقيدة، ويزكي نفسه يقول: أنا أعمل مخلص، وظاهري مثل باطني هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن هذا اغترار، وإعجاب بالنفس، إعجاب بالنفس.

والعجب فاحذره إن العجب مجترف ... أعمال صاحبه في سيله العرم

<<  <  ج: ص:  >  >>