للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

تكليفه إلى أن بلغ تسعين سنة وهو صوام قوام، متصدق محسن، يكف شره عن الناس ويسدي خيره إليهم، ((ليعمل بعمل أهل الجنة)) مؤدي للفرائض مجتنب للمنهيات، تسعين سنة، مائة سنة ((حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع)) ما بقي إلا أن تقبض روحه فيسبق عليه الكتاب؛ لأنه كتب عليه شقي ((فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) وهذا يشمل الخالفة الكبرى بالردة والشرك، وما دونها بالمعاصي والبدع. ((يعمل بعمل أهل النار فيدخل النار)) والله شخص مائة سنة، تسعين سنة، كلها طاعات، ثم في النهاية يختم له بالشقاوة، وفي المقابل وإن أحدكم يعمل بعمل النار سبعين، ثمانين، تسعين سنة سكير عربيد شرير تارك للواجبات، مرتكب للمحرمات يعمل بعمل أهل النار طيلة عمره، هذه المدة الطويلة حتى ما يكون بينه وبين النار إلا قدر ذراع فيسبق عليه الكتاب؛ لأنه كتب سعيد ((فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) قد يقول: هذا ما في إنصاف، ولا في عدل، ولذا جاءت الراويات الأخرى: ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، فيما يبدو للناس، وإن وأحدكم ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس))، إذ كان عمله الظاهر عمل أهل الجنة وفي نفسه دخلية وطوية ينطوي عليها قلبه هذه تخونه في آخر الوقت، والعكس قد يعمل العمل الصالح وإن كان يسيراً في عينه أو في عين غيره ثم يدخل به الجنة، امرأة باغية دخلت الجنة في كلب، وامرأة دخلت النار في هرة، أعمال يسيرة لكنها عند الله -جل وعلا- عظيمة، لأنه احتفى بها ما احتف من تعظيم الله -جل وعلا-، أو الاستهانة بأمره، وأذى المخلوقات فمثل هذا سبب من أسباب دخول الجنة، وذلك سبب من أسباب دخول النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>