كثيراً ما يقع الخلاف والنزاع والشقاق بين الزوجين بسبب في أصله ليس بشيء، يقول لزوجته -وهذا يكثر السؤال عنه-: أحضري شاي، ثم تحضر شاي أخضر، وهو يريد أسود ما قال لها: اللون أحمر وإلا أخضر تجيب أخضر، ثم يبني على ما اعتاده أنه في هذا الوقت مثلاً ما يشرب إلا هذا اللون بناءً على عادته، ثم تحصل الكارثة من لا شيء، ويحضر الشيطان، فيقول لزوجته -ثم يأتي بعد ذلك يستفتي- يقول لزوجته من أجل لون الشاي هل هو أخضر وإلا أحمر: أنت طالق، طالق، طالق، ثلاثاً بائناً، أنت علي كظهر أمي، ثم يأتي يسأل يقول: أنا والله غضبان، غضبان تقول كل هذه الكلمات وغضبان وعلى أي أساس؟! لأن العلماء يفرقون بين الأسباب الباعثة للغضب، يعني فرق أن يكون السبب مثل هذا، يطلب شاي فتأتي بلون لا يريده وهو ما حدد اللون، ثم يغضب ويحصل منه ما يحصل هذا ليس بسبب حقيقي للغضب، وبين من يقول: لعنتني ولعنت أمي وأبي، وقذفتنا بالعظائم، نعم هذا سبب للغضب، فيختلف هذا عن هذا، ثم بعد ذلك الغضب درجات منه ما يرفع عنه التكاليف، ومنه ما يبقى معه التكليف، وتحديد هذه الدرجات في غاية الغموض، فالأمر يتطلب دراسة المسألة من جذورها، ما يقول: والله أنا طلقت وأنا غضبان، ثم يقول له من يفتيه: ما عليك شيء ما دام غضبان، ما الباعث على هذا الغضب؟ ثم ماذا حصل بينك وبينها؟ ثم بعد ذلك ما وصل بك الغضب؟ هل أنت تعي تعقل؟ فهذه مسائل يعتنى بها، والسبب الباعث عليها هو هذه الخصلة الذميمة.
فمن جبل على الغضب عليه أن يكثر من الاستغفار، وعليه أن يتصبر ويتحلم، ويتأنى في أموره لا يستعجل لئلا يندم، فالوصية النبوية على كل مسلم أن يعظ عليها بالنواجذ، إن تيسر ألا يغضب فهذا هو الأصل، لكن إن غلبه الطبع وغضب لا يرتب آثار على هذا الغضب، ويسعى في إزالة هذا الغضب بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وفي تغيير وضعه إن كان قائماً فليجلس، إن كان جالساً فليضطجع، إن كان في مكان يخرج إلى غيره، إن كان خارج يدخل وهكذا، المقصود أنه إذا تغير الوضع عنده فإنه يخف عنده الغضب، وقد يزول بالكلية.