الأصل في أخبرنا وحدثنا وأنبأنا أنها ألفاظ من حيث المعنى متقاربة إلا أن الإنباء هو الإخبار بما له شأن، وإلا فالأصل أن الإنباء والإخبار {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [(١ - ٢) سورة النبأ] يعني عن الخبر العظيم، فالإنباء والإخبار بمعنى واحد في الأصل، وإن كان الإنباء يفوق الإخبار، فسواء قال: أنبأنا أو أخبرنا لا يختلف إلا بعد أن استقر الاصطلاح؛ لئلا يتوهم أن ما تلقي بطريق الإجازة أو بطريق المناولة نعم يظن فيه أنه تلقي بطريق العرض والقراءة على الشيخ؛ لأن الإجازة والمناولة دون العرض على الشيخ.
"قراءة عليه وأنا حاضر أسمع" كثيراً ما يقول النسائي -رحمه الله تعالى-: "الحارث بن مسكين فيما قُرئ عليه وأنا أسمع" ولا يقول: أخبرنا ولا أنبأنا ولا حدثنا بدون صيغة، لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم لأن الحارث بن مسكين طرد النسائي من الدرس، من الحلقة، فكان يختبئ وراء سارية ويسمع، فلكون الحارث بن مسكين ثقة، عدل، حافظ، ضابط، لم يفرط النسائي بالرواية عنه، ولكونه لم يقصد بالتحديث بل طرد منه ما استجاز لنفسه أن يقول: أخبرنا، وإنما ترك الأمر بدون صيغة "الحارث بن مسكين فيما قرأ عليه وأنا أسمع" وهذا من تمام ورعه -رحمه الله-، لكن إذا طرد الطالب من الدرس؛ لأن المدرس مثلاً يأخذ الأجرة وهذا رفض يدفع الأجرة مثلاً، وقال: لا تسمع مني، يجوز له أن يسمع ويروي وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو علم، يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني هل يملك؟ حتى لو أن مجموعة من الطلاب، مجموعة جالسون بين يدي الشيخ ويحدثهم فيقول: أنت يا فلان لا تروي عني شيئاً، يملك وإلا ما يملك؟ ما يملك، ما يملك أن يقول له: لا ترو عني شيئاً، فإذا سمع منه يروي عنه وينقل، والعلم الأصل فيه أنه مشاع، هذا فيما لا كلفة فيه، لكن لو أن إنساناً تعب على شيء، واقتطع من وقته ما أضر بمصلحته ومصلحة ولده، وأراد أن يأخذ عليه أجراً، ومنع بعض الناس من الحضور إلا بالأجر، المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) يدل على الجواز، وإن كان الورع تركه.