الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن هذه الرسالة المقرر قراءتها في هذا الدرس، والتعليق عليها بما تيسر، هذه في وصف سنن أبي داود من قبل مؤلفها، من قبل مؤلف السنن، رسالة منه إلى أهل مكة يبين فيها شيئاً من منهجه، وشرطه في الكتاب، وطريقته فيه، والأئمة المؤلفون لكتب السنة المشهورة لم يصرح كثير منهم بشرطه، وإنما التمس شرطه من سبر كتابه، يسبر الكتاب وينظر فيه فيبين شرطه، ولذا تجدون العلماء يختلفون في هذه الشروط اختلافاً كثيراً، فالإمام البخاري ما حفظ عنه من كلامه شيء مما اشترطه في كتابه، وما يذكره أهل العلم إنما هو مجرد استنباط واسترواح، وميل إلى ما يذكر من خلال النظر في الكتاب، نعم هو اشترط الصحة، وترك من الصحاح أكثر خشية أن يطول الكتاب كما نقل عنه، وله شروط بينها أهل العلم من خلال النظر في كتابه مما لم يصرح به هو، ولذا يختلفون فيها، وكذا الإمام مسلم -رحمه الله- قدم بين يدي كتابه مقدمة هي التي تقرأ في الدرس الثاني، وبين فيها بعض شرطه، وترك شيئاً لمن يزيد في هذا الشرط من خلال النظر في كتابه والسبر الدقيق لهذا الكتاب، وقد بين أهل العلم شرطه مفصلاً، فما ذكره في كتابه لا يختلف فيه، وإن اختلفوا في مراده بالطبقات الثلاث التي ذكرها مما يذكر في مكانه -إن شاء الله تعالى-، أما ما لم يذكره فالخلاف فيه أكثر.