للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: "سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد السجستاني، وسئل عن رسالته" الواو هذه؟ حالية، الواو واو الحال "وسئل" والحال أنه قد سئل "عن رسالته التي كتبها إلى أهل مكة وغيرها جوابا لهم" كأنهم سألوه عن كتابه، وعن بعض ما اشتمل عليه كتابه، فأجابهم بهذه الرسالة "فأملى علينا" وعرفنا أن الإملاء أعلى درجات السماع الذي هو أعلى طرق التحمل والإملاء والأمالي سنة معروفة عند أهل الحديث، عندهم ما يعرف بمجالس الإملاء، وعندهم أيضاً ما يعرف بالأمالي، فهم يعقدون الأمالي، ويملون على طلابهم، إضافة إلى ما يحدثونهم به، وما يجيزونهم به، وما يقرأه الطلاب عليهم أمالي، أمالي هذه تكون عيون ما ينتقونه من رواياتهم، ومن مقروءاتهم ومن مسموعاتهم، فتعقد هذه المجالس التي اندثرت منذ قرون، ولو أن الشيوخ أعادوا هذه المجالس، يعني انقطعت منذ عقود، ثم أعادها الحافظ العراقي -رحمه الله-، ثم انقطعت فأعادها الحافظ ابن حجر، ثم السخاوي، ثم السيوطي، والآن اندرست، لكن لو أن الشيوخ من خلال مطالعاتهم وقراءاتهم ومدوناتهم يعقدون مجالس للطلاب، ويملون عليهم هذه التحف، وهذه العيون من المسائل ومن الطرائف والغرائب من أشعار ونثر، ما يبعث الهمم والنشاط في قلوب السامعين، كانت سنة طيبة ومعروفة عند أهل العلم قديماً، لكن مع الأسف أنه مع انتشار الوسائل يمكن ما يتحمس الطلاب للإملاء، ما يتحمسون للإملاء، فتجد الطلاب لو عقد مجلس إملاء وحضر مجموعة من الطلاب تجد طلاب يكتبون وإلا ما يكتبون؟ يعني واحد منهم يسجل ومنهم يفرغ، ثم تصور، تكتب في أوراق ثم تصور ويتداولونها، ما يكلفون أنفسهم عبء؛ لأنهم وجدوا الراحة، في العصور السابقة قبل وجود هذه الآلات كان لا بد أن تكتب، وإلا ما فيه شيء، ما فيه بديل عن الكتابة، تجد جميع الطلاب يكتبون، فإذا عقد مجلس الإملاء على هذه الصفة، وتعب الشيخ على تحصيل هذه الفوائد، وضرب له يوماً في الأسبوع مثلاً، وكثير من أهل العلم يجعلون يوم الثلاثاء للإملاء، ما أدري إيش السبب؟ ما أدري ما السبب؟ ولعله في كونه منتصف الأسبوع يجعلونه للإملاء، فالطلاب يستمعون ويدونون، وفيه من الأخبار والأشعار ما يطرب لها السامع،

<<  <  ج: ص:  >  >>