"وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله" وصفه -عليه الصلاة والسلام- بالعبودية والرسالة جاء في أشرف المقامات، وصفه بالعبودية {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [(١) سورة الإسراء] {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [(١٩) سورة الجن] يوصف بها في أشرف المقامات، والرسالة هي وظيفته -عليه الصلاة والسلام-، فالجمع بينهما، العبودية ذكر العبودية لئلا يطرى ويغلى به -عليه الصلاة والسلام-، إنما هو عبد لله -جل وعلا-، وذكره بالرسالة لئلا يجفى -عليه الصلاة والسلام-، فعلى المسلم أن يكون بين الغلو والجفاء بالنسبة إليه -عليه الصلاة والسلام-، يعرف له حقه، وحقوقه على الأمة عظيمة جدًا، وهو سبب هدايتهم، والواسطة بينهم وبين ربهم فيما ينزل منه -جل وعلا-، أما فيما يصعد إليه فلا واسطة.
"وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله" -صلى الله عليه وسلم- كلما ذكر، والبخيل الذي يسمع الذكر ذكر اسمه -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلى عليه، والصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- مأمور بها {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(٥٦) سورة الأحزاب] ولا يتم الامتثال إلا بالجمع بينهما، ولذا جمع بينهما، في بعض النسخ تسليماً كثيراً، فالجمع بين الصلاة والسلام هو تمام لامتثال الأمر، وأما الاقتصار على أحدهما دون الآخر إما أن يصلي أو يسلم فقط هذا من كان ديدنه ذلك حيث لا يذكر لفظ الثاني، كما قال الحافظ ابن حجر: تتجه الكراهة بحقه، ولا يتم امتثاله، وأما من كان يجمع بينهما تارة، ويصلي تارة، ويسلم تارة هذا لا تتجه إليه الكراهة، وقد وقع في كلام أهل العلم كثيراً، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.