"بما قضى عليه" يعني بما قضى على أبي داود "بالتحكمِ" ... أحاديث صحيح مسلم أيضاً حسنة، مثل ما جعلنا أحاديث سنن أبي داود حسنة، لكن يمكن أن يُتنصل من هذا الاستدراك بأن يقال: إن مسلماً اشترط الصحة، وأبو داود لم يشترط الصحة، مسلم تلقته الأمة بالقبول، وأبو داود لم تتلقاه الأمة بالقبول، فظهر الفرق بين الكتابين، وحكم على كتاب أبي داود لأنه فيه ... ، واقع الكتاب يشهد بهذا، أما كونه يحكم على جميع ما سكت عنه أبو داود بأنه حسن كما قال ابن الصلاح فليس بصحيح، لماذا؟ لأن فيه الصحيح؛ بل في أعلى درجات الصحيح وهذا كثير، مما اتفق عليه الشيخان، وفيه مما أخرجه البخاري، وفيه مما أخرجه مسلم، كيف نقول: هذا القسم حسن وفيه هذه الأشياء؟ ومن الذي دعا ابن الصلاح أن يقول هذا الكلام؟ رأيه في انقطاع الاجتهاد في التصحيح والتضعيف في الأزمان المتأخرة، فلا يستطيع أن يقال فيه: صحيح وحسن من يميز لنا الصحيح مما دونه من الضعيف، لا نستطيع أن نميز وباب الاجتهاد مقفل مغلق، ولا نستطيع أن نجعلها في أعلى درجات الصحيح؛ لأن فيه ما هو دون ذلك، ولا نستطيع أن ننزلها عن رتبة القبول لأنه صالح، إذن ما سكت عنه أبو داود فهو حسن، يعني بما في ذلك ما في الصحيحين، ولا شك أن مثل هذا الكلام جمود، جمود يعني لو أقل الأحوال لو استثنى ما في الصحيحين، وقال: إن ما في الصحيحين يقال له: صحيح، مع أنه قال: ما في الكتاب مما لم يسبق له حكم من أهل العلم بالصحة في كتبهم، يعني ما يكفي أن ينقل عن البخاري أن هذا الحديث الذي في سنن أبي داود صحيح، ما يكفي، لماذا؟ لا بد أن ينص على صحة هذا الحديث في الكتاب، ينص عليه البخاري، ينص عليه أحمد، ينص عليه مسلم، ولعل إدخاله في الصحيحين دليل على صحته، فلا يدخل في كلام ابن الصلاح.