للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤخذ من هذا: أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان يحبّ تطييب الطّعام بما تيسّر وسهل، وأنّ ذلك لا ينافي الزّهد.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال في غزوة الخندق:

انكفيت- أي: انطلقت إلى امرأتي- فقلت: هل عندك شيء؟ فإنّي رأيت بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جوعا شديدا.

فأخرجت جرابا فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن، فذبحتها، وطحنت الشّعير حتّى جعلنا اللّحم في البرمة، ثمّ جئته صلّى الله عليه وسلّم، وأخبرته الخبر سرّا، وقلت له: تعال أنت ونفر معك.

فصاح: «يا أهل الخندق؛ إنّ جابرا صنع سورا «١» فحيّ هلا بكم» ، وقال: «لا تنزلنّ برمتكم، ولا تخبزنّ عجينتكم حتّى أجيء» .

فلمّا جاء.. أخرجت له العجين؛ فبصق فيه، وبارك، ثمّ عمد إلى برمتنا، فبصق، وبارك، ثمّ قال: «ادعي خابزة فلتخبز معك، واغرفي من برمتكم، ولا تنزلوها» .

والقوم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتّى تركوه، وانصرفوا، وإنّ برمتنا لتغطّ- أي: تغلي- كما هي، وإنّ عجيننا ليخبز كما هو. رواه البخاريّ ومسلم.

وعن جابر أيضا قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا معه، فدخل على امرأة من الأنصار، فذبحت له شاة؛ فأكل منها، وأتته بقناع-


(١) أي: طعاما يدعو الناس إليها، أو: هو الطعام مطلقا.

<<  <   >  >>