للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت: فأرسل الله عليهم النّوم حتّى ما بقي منهم رجل إلّا واضع لحيته على صدره نائما، ثمّ قال قائل لا يدرى من هو: غسّلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليه ثيابه؛ فانتبهوا، ففعلوا ذلك، فغسّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قميصه؛ حتّى إذا فرغوا من غسله..

كفّن.

وقال عليّ كرّم الله وجهه: أردنا خلع قميصه فنودينا: لا تخلعوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثيابه، فأقررناه، فغسّلناه في قميصه كما نغسّل موتانا مستلقيا، ما نشاء أن يقلب لنا منه عضو لم يبالغ فيه.. إلّا قلب لنا حتّى نفرغ منه، وإنّ معنا لحفيفا في البيت كالرّيح الرّخاء، ويصوّت بنا: ارفقوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنّكم ستكفون.

فهكذا كانت وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يترك سبدا ولا لبدا «١» إلّا دفن معه.

قال أبو جعفر: فرش لحده بمفرشه وقطيفته، وفرشت ثيابه الّتي كان يلبس يقظان على القطيفة والمفرش، ثمّ وضع عليها في أكفانه.

فلم يترك بعد وفاته مالا، ولا بنى في حياته لبنة على لبنة، ولا وضع قصبة على قصبة؛ ففي وفاته عبرة تامّة، وللمسلمين أسوة حسنة) اهـ

وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما: أنّه سمع رسول الله صلّى الله


(١) السّبد: القليل من الشعر. واللّبد: الصّوف. والمراد: أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يترك من المال قليلا ولا كثيرا.

<<  <   >  >>