لا شكّ أنّهم كانوا أشدّ تمسّكا بالهدي النّبويّ، وتطبيقه بحذافيره وكذلك كان الأمر.
وهذا أبو أيّوب الأنصاريّ لما رأى رد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطّعام الّذي فيه الثّوم، كره هذه الشّجرة وعاداها حتّى الممات، وما هذا إلّا لما أشرب قلبه من حبّ الصّادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم، فتولّد عن ذلك التّأسّي به في كلّ صغيرة وكبيرة.
(٥)
وبناء على ذلك: فإنّ من لازم المحبّة.. الاتّباع الكامل، والاقتفاء الشّامل لمن جاءنا بالشّرع المطهّر، والتأسّي بشخصيّته في شؤون الحياة جميعها، هذا هو الاتّباع.
أمّا من يزعم محبّته ويدّعي ذلك، وهو مخالف لسيرته، متراخ عن أمره، واقع في نهيه.. فهذا الصّنيع علامة على زيف دعواه، ودليل صريح على تخبّطه في ظلام العصيان، فالسفينة لا تجري على أرض يابسة.
ترجو النّجاة ولم تسلك مسالكها ... إنّ السّفينة لا تجري على اليبس
(٦)
وإذا كنّا في عصرنا الحاضر المتموّج بالغرائب والعجائب نشاهد كثيرا من المعنيّين بالتّراث يعرضون شمائل شخصيّات لا خلاق لها، وليس لها في ميزان الفضائل مثقال حبّة من خير، ويعظّمون اثارهم الّتي تركوها،