للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إمّا من الصّحابة صغار الأسنان ممّن لم يكونوا يدركون تماما العظمة النبويّة، وما يجب له من الحقوق، فيدفعهم ذلك إلى الحملقة في الذّات المحمّديّة على وجه يمكّنهم من وصفها الوصف الدّقيق.

وإمّا أن يكون من أولئك الّذين هم قريبو عهد بالإسلام، أو من الأعراب الّذين لم يفقهوا بعد اداب الإسلام، وما يجب عليهم تجاه الشخصيّة النّبويّة.

(٤)

ولا مراء أنّ الصّحابة الكرام ما تركوا شيئا من أخبار المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.. إلا وقيدوه، ولا شيئا عن هيئته وسمته ولبسه وطعامه وشرابه وغير ذلك.. إلا ورووه، ولا صفة تكسب المحبة والاتّباع.. إلا وأذاعوها، ذلك لأنّ محبّته عليه الصّلاة والسّلام.. عبادة، والتّأسّي به.. علامة على تلك المحبّة. وقديما قيل:

تعصي الحبيب وأنت تزعم حبّه ... إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع

ولقد حملت المحبة الأكيدة الصّادقة أنس بن مالك اتّباع المحبوب فيما كان شرعا أو عادة، بل وفيما أملته الطبيعة البشريّة.

ففي «الصّحيح» وغيره قال أنس: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتتبع الدّبّاء في القصعة فما زلت أحبّ الدّبّاء من يومئذ.

وإذا كان هذا حالهم في شؤون العادات، فكيف يكون حالهم في أمور الشّرع والعبادات؟

<<  <   >  >>