"وإذا أطلق أهل الحديث على الحديث على أن النسائي رواه فإنما يريدون المجتبى"، يعني موافق لكلام السيوطي، سنن النسائي -رحمه الله تعالى- من الأهمية بمكانٍ عظيم، لكن الباحث عن شرح لهذا الكتاب حقيقةً ما يجد ما يكفي ويشفي عند المتقدمين، ابن الملقن وهو متأخر في المتوفى سنة أربع وثمانمائة شرح زوائده على الأربعة، والسيوطي أيضاً له حاشية وهو شرح مختصر جداً يأتي ذكره، وأيضاً السندي له حاشية، هؤلاء كلهم لهم خدمة لسنن النسائي، وهي خدمة لا توازي قيمة الكتاب، كتاب عظيم، هناك شروح؛ لكنها مفقودة، شرح ابن رشد قالوا عنه: أنه كتاب حافل، لكن لا يعلم عن وجوده شيء، وشرح لأبي الحسن علي بن عبد الله بن نعمة اسمه (الإمعان في شرح مصنف النسائي لأبي عبد الرحمن) وهو أيضاً مفقود، على كلٍ الكتاب بحاجة إلى عناية، وفيه شرح معاصر نأتي على ذكره -إن شاء الله تعالى-، وهذه الخدمات من السابقين لا تليق بمقام الكتاب، حواشي وتعليقات يسيرة على الكتاب، ولعل الذي صرفهم عن خدمة هذا الكتاب صعوبته؛ لأن الكتاب أشبه ما يكون بكتب العلل، فتراجمه علل، يعلل الأحاديث بالتراجم.
[(زهر الربا على المجتبى):]
أولاً: نأتي إلى (زهر الربا على المجتبى) مؤلفه جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي المتوفى سنة إحدى عشر وتسعمائة، وهو تعليق مختصر جاء في مقدمته يقول:"هذا الكتاب الخامس مما وعدت بوضعه على الكتب الستة، وهو تعليق على سنن النسائي أبي عبد الرحمن على نمط ما علقته على الصحيحين، وسنن أبي داود وجامع الترمذي" يعني علق على البخاري في مجلد، وعلق على مسلم في مجلد، كل واحد من الستة علق عليه في مجلد، وليس بالكبير أيضاً، يقول:"وهو حقيق بذلك"، حقيق بالخدمة لا شك، لكن حقيق بهذه الخدمة المختصرة جداً؟ لا.
"إذ له منذ صنّف أكثر من ستمائة سنة ولم يشتهر عليه من شرحٍ ولا تعليق، وسميته زهر الربى على المجتبى" ستمائة سنة بين النسائي والسيوطي لا يوجد شرح مناسب لهذا الكتاب، مع أن شرح السيوطي حقيقةً لا يناسب هذا الكتاب، افتتح السيوطي شرحه بمقدمة ذكر فيها شروط الأئمة نقلاً عن ابن طاهر، وأن ما يرويه أبو داود والنسائي على ثلاثة أقسام: