فنقول: لعل الإمام الخطابي -رحمة الله عليه- رجع عن قوله في مسائل الأسماء والصفات إلى هذا، ولذا نقله شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- مقرراً له، ولا يخفى عليه -رحمه الله- ما سطره في كتبه الأخرى، يقول في الغنية عن الكلام وأهله، كتاب اسمه (الغنية عن الكلام وأهله) للخطابي ما أعرفه وجوده.
أقول: مثل هذا الكلام الذي نقلناه عن الخطابي في الأسماء والصفات والتأويل هو موجود مع الأسف الشديد في غالب الشروح، إذ لا يسلم منها إلا القليل النادر، وحبذا لو انبرى لهذه الكتب من التفاسير والشروح من يوثق بعلمه وعقيدته وفهمه وعلق عليها تعليقات تكون مختصرةًً نافعة، كما فعل شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في تعليقه على أوائل فتح الباري، تعليقات نفيسة بأسطر قليلة جعل الله -سبحانه وتعالى- فيها من البركة ما جعلها تدور في الأقطار، وتصحح كثيراً من المفاهيم، الكتاب حتى فتح الباري على ما سيأتي الحديث عنه لم يسلم من نقل أقوال المأولة في الصفات، ومع ذلك ينقل أقوال السلف وينقل أقوال غيرهم ويسكت ولا يرجح، المقصود أن مثل هذه الأقوال تحتاج إلى تعليق لطيف يبين الحق في هذه المسائل.
هناك من الكتب ما يسلم -وإن كان قليلاً- من هذه الملاحظات كشرح الحافظ بن رجب -رحمه الله تعالى-؛ لكنه لم يكمل كما سيأتي الحديث عنه -إن شاء الله تعالى-.