أما الاستذكار هو كتاب مبسوط شرح فيه الإمام ابن عبد البر الموطأ، وتفنن فيه وبرع، وجد واجتهد في استنباط المسائل الفقهية، وبسط فيه الدلائل من الكتاب والسنة وأقاويل السلف من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، يعني الأول ميزته المعاني والأسانيد فهو كتاب حديثي، صبغته حديثية، وإن كان يأتي الكلام على الأحكام تبعاً، أما الاستذكار فصبغته فقهية، (الاستذكار لمعرفة مذاهب فقهاء الأمصار) ولو جمع بينهما على ترتيب الموطأ فمزج الكتابان بكتابٍ واحد لكان عملاً جيداً.
من أهل العلم من مزج بين الاستذكار والمنتقى للباجي، يوجد له نسخ جمع بين الاستذكار والمنتقى نسيت مؤلفه الآن، له نسخ خطية، لكن لو جمع بين كتابي ابن عبد البر لتكاملا شرحاً مبسوطاً واسعاً واحداً بحيث لا يتشتت الطالب إن أراد الفقه ذهب إلى الاستذكار، وإن أراد الأسانيد ذهب إلى التمهيد.
يتخلص مذهب ابن عبد البر في الاستذكار بما يلي:
يذكر الحديث من الموطأ برواية يحيى بن يحيى، ثم يذكر شواهده وما جاء في معناه من مرفوعٍ وموقوف. يتكلم على إسناد الأحاديث أحياناً، ويحيل على التمهيد لمن أراد البسط.
ثالثاً: يذكر اختلاف ألفاظ الناقلين من رواة الحديث.
رابعاً: يشرح ألفاظ الأحاديث بالروايات الأخرى وشواهد العربية.
يتكلم على فقه الحديث باستيفاء وما يستنبط منه من أحكامٍ وآداب.
يذكر اختلاف الروايات عن الإمام مالك في المسائل الفقهية.
يستعرض أقوال فقهاء الأمصار في المسائل الفقهية، ويقارن بين أدلتهم، ويناقشها ويرجح القول الراجح بدليله ولا يتعصب لمذهب.
والكتاب مطبوع في ثلاثين جزءً، وهو أيضاً قابل لأن يكون في عشرة أو ثمانية مجلدات؛ لأنه نفخ بالتعاليق والنقول من التمهيد وغيره، الصفحات خمس صفحات تنقل جميع من التمهيد، هذه لا داعي لها، التمهيد موجود فلا داعي لمثل هذا التطويل.