نظراً لضيق الوقت نعرض بسرعة للقطعة التي شرحها النووي من الصحيح، شرع أبو زكريا يحيى بن شرف النووي في شرح الصحيح؛ لكن المنية اخترمته قبل أن يقطع فيه شوطاً كبيراً، فلم يشرح من الصحيح سوى بدء الوحي وكتاب الإيمان فقط، وهو شرح كما وصفه مؤلفه بأنه متوسط بين المختصرات والمبسوطات، لا من المختصرات المخلات، ولا من المبسوطات المملات، يقول:"ولولا ضعف الهمم، وقلة الراغبين في المبسوط لبلغت به ما يزيد على مائة من المجلدات" الكلام صحيح، العمر ينتهي قبل أن يقرأ الإنسان الشروح التي كتبت على الصحيح فضلاً عن أن ينتقي منها ما يراه مناسباً، ويستطرد في الشرح ويذكر كل ما يحتاج إليه من فوائد البخاري، يقول:"ولولا ضعف الهمم وقلة الراغبين في المبسوط لبلغت به ما يزيد على مائة من المجلدات مع اجتناب التكرير والزيادات العاطلات، بل ذلك لكثرة فوائده، وعظم عوائده الخفيات والبارزات".
ابتدأ النووي -رحمه الله تعالى- شرحه بمقدمة ذكر فيها أهمية علم الحديث، ومنزلة الإمام البخاري وصحيحه ورواته، وذكر فيها أيضاً سبب تصنيفه، ثم ذكر فهرساً لكتب الصحيح وعدد أحاديث كل كتاب، ثم ذكر فصلاً عن أبي الفضل بن طاهر في طبقات من روى عنهم البخاري، ثم ذكر أسانيده إلى الإمام البخاري ثم أشار إلى بعض المسائل الاصطلاحية، يعني ذكر طبقات من روى عنهم الإمام البخاري مهم جداً، حينما تعرف أن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- روى عن المكي بن إبراهيم بدون واسطة، وهذا غالب الثلاثيات من طريقه، ثلاثيات الصحيح من طريق المكي ابن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، أعلى ما في الصحيح، حينما تنظر في الصحيح تجد البخاري روى عن المكي بن إبراهيم بدون واسطة، تجده في موضعٍ آخر روى عن المكي ابن إبراهيم بواسطة ثلاثة أشخاص، فإذا عرفت طبقات الرواة سلمت من توهّم سقوط راوٍ أو أكثر حينما يروي عن مثل المكي ابن إبراهيم بدون واسطة، ويروي عنه في مواضع بواسطة، فعلمك بهذه الطبقات يجنبك مثل هذا الوهم، ختم المقدمة بضبط جملةٍ من الأسماء المتكررة في الصحيحين من المشتبه.