يمتاز شرح النووي -رحمه الله تعالى- بالإطالة في تراجم الرواة، يترجم لرواة الأحاديث، ويطيل فيها إطالةً نسبية بالنسبة إلى الشروح الأخرى فيذكر سيرهم وما يستحسن ويستطرف من أخبارهم، ولا شك أن في هذا فائدة للقارئ وتنشيط لهمته والأخبار في الجملة محببة إلى النفوس، فيكون فيها متعة واستجمام من جهة، لكن هذه الإطالة في تراجم الرواة صارت على حساب معاني الأحاديث، وما يستنبط منه من أحكام وآداب وفوائد، فمثلاً الحديث الرابع، استغرق عند النووي صفحات جلها في تراجم الرواة من (٦٦) إلى صفحة (٧٠) من الشرح من (٦٦) إلى (٧٠) بدأ بشرح الحديث الرابع، ترجم لابن عباس في صفحة ونصف، بعده سعيد بن جبير في صفحة .. الخ، ثم في منتصف صفحة (٧٠) منتصف الصفحة الأخيرة فصل في معنى الحديث: قول ابن عباس -رضي الله عنهما- .. الخ، منتصف الصفحة الأخيرة هو بيت القصيد، نعم تراجم الرواة مهمة لكنها في مثل هذا الكتاب الذي التزم مؤلفه الصحة، وانتقى من الرواة أعلاهم، ومن رواياتهم أثبتها، تكون فائدة التراجم أقل؛ لأن للتراجم كتب مستقلة، لكن بيت القصيد معاني الحديث، ألفاظه وما يستنبط منه من أحكام وآداب، النووي -رحمه الله تعالى- قصر في هذا الجانب، شرحه لذيذ وممتع لكنه في هذا الجانب فيه قصور، ووصفه بأنه شرح مختصر، والنووي كما يلاحظ من كتبه يعتني بالتراجم لا سيما بتراجم من عرف بالزهد والعبادة فيذكر تراجم هؤلاء بإسهاب، ويذكر من أخبارهم ما يستلذ ويستطاب، تنشيطاً لهمم القراء، وإشادةً وإفاءً لبعض حقوق هؤلاء؛ لأنه هو -رحمه الله- من هذا النوع، صاحب علم وأيضاً عبادة وزهد وورع، وهو مشهور بذلك، وبهذا يكون الوقت تمت الساعة المتفق عليها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الأسئلة المطلوبة الإجابة عليها كثيرة، لكن نقتصر منها بما له صلة بموضوع هذه الدروس.
يقول: يتميز صحيح البخاري بكثرة الروايات، وبعض الروايات تزيد وبعضها تنقص، فهل تبينون لنا روايات البخاري لا سيما الروايات التي عليها الشروح المشهورة؟